
لماذا تعارض منظمات الإغاثة إسقاط المساعدات جوًا فوق غزة؟ – DW – 2025/7/31
حذّر روس سميث، مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أنَّ المجاعة الحالية في غزة بلغت مستوى لا مثيل له في هذا القرن. وقال سميث في جنيف: "هذا يذكرني بالكوارث السابقة في إثيوبيا أو بيافرا خلال القرن الماضي". وأضاف أنَّ "هذا ليس تحذيرًا، بل دعوة للتحرك".
وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تحذيرًا من أنَّ "أسوأ سيناريو للمجاعة" بات يلوح في الأفق حاليًا في قطاع غزة. ويرصد هذا التصنيف بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة الوضع الغذائي في غزة. وذكر التقرير أنَّ سوء التغذية الحاد تجاوز عتبة المجاعة في مدينة غزة - وفي جميع مناطق القطاع الساحلي الأخرى. بينما يعيش الآن قسم كبير من سكان قطاع غزة، الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، في مخيمات شديدة الاكتظاظ، بسبب إعلان الجيش الإسرائيلي أجزاءً كبيرة من القطاع، الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترًا مربعًا، منطقة عسكرية محظورة.
ومن جانبه أنكر مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "وجود مجاعة في قطاع غزة"، لكن إسرائيل أقرت بوجود وضع "صعب" في القطاع . في حين تمنع إسرائيل الصحفيين بشكل شبه تام من الوصول إلى المنطقة منذ بدء الحرب، مما يجعل تقييم الوضع بشكل مستقل أمرًا مستحيلًا.
ومنذ نهاية الأسبوع بدأت الجهات الدولية الفاعلة العمل للتخفيف من حدة هذه الأزمة الحادة: فقد أسقطت يوم الأحد طائرات عسكرية من الأردن والإمارات العربية المتحدة 25 طنًا من المساعدات فوق القطاع الساحلي. وكذلك أعلنت ألمانيا وفرنسا عن عمليات إسقاط جوي خاصة بهما. وحول ذلك قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس: "هذا العمل ربما لا يقدّم سوى مساهمة إنسانية صغيرة، ولكنه يبعث رسالة مهمة مفادها: نحن هنا، نحن في المنطقة ونساعد".
وقد أدى ذلك إلى صدمة لدى منظمات الإغاثة. وفي هذا الصدد يقول يان فيتو، منسق الطوارئ الإقليمي في منظمة أطباء بلا حدود: "إسقاط المساعدات الإنسانية جوًا هو مبادرة عبثية تفوح برائحة السخرية". كما تحدث مركز العمل الإنساني (CHA) للأبحاث في برلين عن "الجسر الجوي الأكثر عبثًا في التاريخ" وعن "سياسة رمزية وإهدار للمال". وذلك لأنَّ تكلفة الإنزال الجوي أعلى بـ35 مرة من تكلفة القوافل البرية، بحسب مدير مركز العمل الإنساني، رالف زودهوف.
وكذلك يتحدث مارفن فورديرر، وهو خبير مساعدات الطوارئ في الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع، عن "إنزال جوي رمزي وغير فعال". ووصف في حوار مع DW مشكلة جوهرية قائلًا إنَّ: "الحمولة يتم إسقاطها في محيط خطر جدًا ومن دون تنسيق، ومن دون تحديد منطقة الإنزال، ومن دون هياكل أمنية". وأضاف أنَّ المساعدات غالبًا لا تصل إلى الأشخاص الذي يعتبرون في أمس الحاجة إليها - "بل إلى الذي لا يزالون قادرين على التنقل لشق طريقهم عبر الأنقاض والشوارع المزدحمة إلى موقع إنزال المساعدات والصراع من أجل الحصول عليها".
وفي كل يوم تقريبًا يتم الإبلاغ عن وقوع وفيات عند مراكز التوزيع القليلة التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) المثيرة للجدل. وتتولى هذه المؤسسة الأمريكية توزيع المساعدات في قطاع غزة منذ أيار/مايو بمباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن حظرت إسرائيل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ولكن مؤسسة غزة الإنسانية فشلت في ضمان الأمن بمراكز التوزيع. ويضاف إلى ذلك - بحسب الأمم المتحدة - أنَّ الجيش الإسرائيلي كثيرًا ما يطلق النار على المنتظرين. وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فقد قُتل بين 27 أيار/مايو و21 تموز/يوليو على يد جنود إسرائيليين أكثر من 1000 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية.
ولذلك تطالب منظمات الإغاثة بمرور مساعدات الإغاثة من دون عوائق إلى قطاع غزة والعودة إلى النظام القديم. فبدلًا من توزيع المساعدات في عدد قليل من النقاط الساخنة، كان يتم توزيعها حتى الربيع بشكل لامركزي في نحو 600 نقطة توزيع.
وفي مؤتمر صحفي ببرلين قال رياض عثمان، خبير شؤون الشرق الأوسط في منظمة ميديكو إنترناشونال: "قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان يصل ما بين 500 و600 شاحنة يوميًا إلى سكان غزة واقتصادها. أما اليوم، فلا يمكن تلبية حاجة القطاع بـ600 شاحنة يوميًا، وذلك ليس فقط بسبب تدمير البنية التحتية الأساسية ونظام الرعاية الصحية بشكل ممنهج في غزة، بل كذلك بسبب تدمير الزراعة أيضًا". وحمولة الشاحنة الواحدة تحتوي في العادة على نحو 20 طنًا من مساعدات الإغاثة؛ وكثيرًا ما تحتوي بالإضافة إلى الغذاء على لوازم طبية أساسية ومياه للشرب.
وقالت وحدة "كوجات" التابعة للجيش الإسرائيلي والمسؤولة عن الموافقة وتنسيق دخول المساعدات إلى غزة، على منصة "إكس" إن 260 شاحنة إضافية دخلت إلى القطاع يوم الثلاثااء (29/7/2025).
وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر، قتلت حركة حماس أكثر من 1200 شخص في إسرائيل خلال هجوم إرهابي منسّق، واحتجزت 250 آخرين كرهائن في قطاع غزة. وإثر ذلك أعلنت إسرائيل أنَّ هدفها العسكري هو القضاء على حماس، ولكنها تسببت أيضًا بسقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين وبتدمير قطاع غزة بشكل واسع النطاق. وتتحدث الآن السلطات الصحية التابعة لحماس عن قتل أكثر من 60 ألف شخص، من بينهم على الأقل 147 شخصًا ماتوا بسبب الجوع.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
بعد انتهاء وقف إطلاق النار في الربيع، قطعت إسرائيل وصول جميع الإمدادات لأكثر من 80 يومًا. ومنذ عدة أيام يقوم الجيش الإسرائيلي يوميًا بوقف القتال بشكل مؤقت في قطاع غزة، ويسمح بدخول المزيد من المساعدات عبر البر. وانتقد وزير الأمن اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير، هذا الإجراء بوصفه "إفلاس أخلاقي … ويجب أن نرسل قنابل وليس الغذاء".
وضمن هذا السياق قالت يوليا دوخرو، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في ألمانيا: "توجد أدلة كافية على أنَّ إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب". وطالبت الحكومة الألمانية بوقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل وبزيادة الضغط الدبلوماسي على حكومة نتنياهو.
وبدورها منعت الحكومة الإسرائيلية الكثير من المنظمات الدولية غير الحكومية من الوصول إلى قطاع غزة؛ وحتى الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع لا تستطيع حاليًا تقديم المساعدة إلا عبر منظمات محلية شريكة. ويدعو مارفن فورديرر إلى وقف دائم لإطلاق النار وفتح المعابر الحدودية لدخول المساعدات الإنسانية. وعندئذٍ تستطيع جمعيته نقل المساعدات خلال ساعات من الأردن إلى داخل قطاع غزة، كما يقول فورديرر: "هذه القوافل تستطيع الإنطلاق خلال ساعات، بمجرد أن تسمح الظروف السياسية بذلك".
وفي المقابل يجب من أجل الإنزالات الجوية المخطط لها الآن إعادة التخطيط اللوجستي من جديد، وهذا يرتبط بتكاليف إضافية، بحسب قول فورديرر: "من المثير جدا للاهتمام أنَّ تفكر ألمانيا في ذلك الآن مع سعي الحكومة الألمانية لخفض ميزانية المساعدات الإنسانية بنسبة 53 بالمائة. وفي مثل هذه الحالة من الصعب إنفاق الملايين على إنزالات جوية رمزية وغير فعالة".
بيد أنَّ سلاح الجو الألماني لديه خبرة سابقة في الإنزالات الجوية فوق غزة: فقد نفذت في ربيع عام 2024 طائرات نقل عسكرية من طراز A400M إنزالات جوية مشابهة لعشرة أسابيع. وبلغت حصيلتها النهائية 315 طنًا من المساعدات. وبناءً على الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية البالغ 500 شاحنة يوميًا، يمكن أن تغطي هذه الكمية احتياجات الأهالي الجائعين في قطاع غزة لفترة أقل من ثماني ساعات.
أعده للعربية: رائد الباش

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 2 أيام
- DW
ترامب ينتقد وماكرون يرحب..كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية – DW – 2025/7/31
قالت كندا إنها تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية لتحذو حذو فرنسا وبريطانيا ودول أخرى مما أثار انتقادات إسرائيلية وأمريكية. ويقول خبراء إن القرار الكندي من شأنه أن يزيد الضغط على نتنياهو في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل. وأمام الصحفيين، قال كارني إنّ "كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2025". وقال كارني "نعمل مع آخرين للإبقاء على فرص حل الدولتين، ومنع تطور الوقائع على الأرض، والقتلى على الأرض، و المستوطنات على الأرض، ومصادرة الأراضي على الأرض، إلى حد يجعل هذا الأمر مستحيلا". وشدّد رئيس الوزراء أن قرار كندا "يستند إلى رغبة السلطة الفلسطينية في إجراء إصلاحات جوهرية"، مشيرا إلى التزام محمود عباس إجراء انتخابات عامة في 2026 وعدم عسكرة الدولة الفلسطينية، على حد تعبيره. وبالفعل فقد أعلن عباس أنّه تعهّد لكارني "الذهاب للانتخابات العامة، مع التأكيد بأن القوى الفلسطينية التي ستشارك بها عليها الاعتراف بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية، والالتزام بمبادئ الدولة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد". وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" إنّ عباس تلقّى اتصالا هاتفيا من كارني أبلغه خلاله الأخير عزمه على الاعتراف بدولة فلسطين، مشيرة إلى أنّ الرئيس الفلسطيني "ثمّن الموقف الكندي التاريخي الذي سيعزّز السلام والاستقرار والأمن في المنطقة". وأضافت أنّ عبّاس شدّد على أنّ "هذا الموقف الشجاع يأتي في لحظة تاريخية مهمة لإنقاذ حلّ الدولتين المدعوم دوليا". يأتي ذلك وسط تنامي الضغط الدولي إزاء الأزمة الإنسانية المزرية في غزة مع تحذير مرصد عالمي لمراقبة الجوع من أن السيناريو الأسوأ وهو حدوث مجاعة يتكشف فعليا في القطاع. وأضاف كارني "تندد كندا بتهيئة الحكومة الإسرائيلية الظروف لحدوث كارثة في غزة". وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "إسرائيل ترفض تصريح رئيس وزراء كندا". وأضافت أن "تغيير موقف الحكومة الكندية في هذا التوقيت هو مكافأة لحماس، ويضر بالجهود المبذولة للتوصل لوقف لإطلاق النار في غزةولوضع إطار عمل لتحرير الرهائن". وقال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته "كما يقول الرئيس، فإنه سيكافئ حماس إذا اعترف بدولة فلسطينية، وهو لا يعتقد أنها تستحق المكافأة. لذا، فإنه لن يفعل ذلك. ينصب تركيز الرئيس ترامب على توفير الغذاء للناس (في غزة)". من جانبه، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيكون من الصعب إبرام اتفاق تجاري مع كندا بعد إعلانها دعم قيام دولة فلسطينية. وبذلك تحذو كندا حذو كل فرنسا وبريطانيا اللتين أعلنتا مؤخرا نيّتهما الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ورحّبت فرنسا بقرار كارني، مؤكّدة أنّها "ستواصل جهودها" لكي تنضمّ دول أخرى إلى هذا "الزخم". وقال قصر الإليزيه في بيان "يسعدنا أن نتمكّن من العمل مع كندا لإحياء آفاق السلام في المنطقة. سنواصل جهودنا من أجل ينضمّ آخرون إلى هذا الزخم في إطار التحضيرات للجمعية العامة"، مشيرا إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحث هذه المسألة "في وقت سابق اليوم" مع كارني. وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعلن قبل يومين أنّ بلاده ستعترف بدولة فلسطين في أيلول/سبتمبر ما لم تقدّم إسرائيل سلسلة التزامات، بما في ذلك وقف إطلاق النار في قطاع غزة. تحرير: خالد سلامة


DW
منذ 2 أيام
- DW
لماذا تعارض منظمات الإغاثة إسقاط المساعدات جوًا فوق غزة؟ – DW – 2025/7/31
نظرًا للمجاعة في غزة وتوزيع المساعدات غير الكافي، تخطط ألمانيا ودول أخرى لإقامة جسر جوي جديد. ولكن منظمات الإغاثة تعتبر هذه الوسيلة "سياسة رمزية ساخرة وغير فعالة" وتطالب ضمن ما تطالب بتحريك قوافل شاحنات برية إلى القطاع. حذّر روس سميث، مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أنَّ المجاعة الحالية في غزة بلغت مستوى لا مثيل له في هذا القرن. وقال سميث في جنيف: "هذا يذكرني بالكوارث السابقة في إثيوبيا أو بيافرا خلال القرن الماضي". وأضاف أنَّ "هذا ليس تحذيرًا، بل دعوة للتحرك". وأصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تحذيرًا من أنَّ "أسوأ سيناريو للمجاعة" بات يلوح في الأفق حاليًا في قطاع غزة. ويرصد هذا التصنيف بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة الوضع الغذائي في غزة. وذكر التقرير أنَّ سوء التغذية الحاد تجاوز عتبة المجاعة في مدينة غزة - وفي جميع مناطق القطاع الساحلي الأخرى. بينما يعيش الآن قسم كبير من سكان قطاع غزة، الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، في مخيمات شديدة الاكتظاظ، بسبب إعلان الجيش الإسرائيلي أجزاءً كبيرة من القطاع، الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترًا مربعًا، منطقة عسكرية محظورة. ومن جانبه أنكر مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "وجود مجاعة في قطاع غزة"، لكن إسرائيل أقرت بوجود وضع "صعب" في القطاع . في حين تمنع إسرائيل الصحفيين بشكل شبه تام من الوصول إلى المنطقة منذ بدء الحرب، مما يجعل تقييم الوضع بشكل مستقل أمرًا مستحيلًا. ومنذ نهاية الأسبوع بدأت الجهات الدولية الفاعلة العمل للتخفيف من حدة هذه الأزمة الحادة: فقد أسقطت يوم الأحد طائرات عسكرية من الأردن والإمارات العربية المتحدة 25 طنًا من المساعدات فوق القطاع الساحلي. وكذلك أعلنت ألمانيا وفرنسا عن عمليات إسقاط جوي خاصة بهما. وحول ذلك قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس: "هذا العمل ربما لا يقدّم سوى مساهمة إنسانية صغيرة، ولكنه يبعث رسالة مهمة مفادها: نحن هنا، نحن في المنطقة ونساعد". وقد أدى ذلك إلى صدمة لدى منظمات الإغاثة. وفي هذا الصدد يقول يان فيتو، منسق الطوارئ الإقليمي في منظمة أطباء بلا حدود: "إسقاط المساعدات الإنسانية جوًا هو مبادرة عبثية تفوح برائحة السخرية". كما تحدث مركز العمل الإنساني (CHA) للأبحاث في برلين عن "الجسر الجوي الأكثر عبثًا في التاريخ" وعن "سياسة رمزية وإهدار للمال". وذلك لأنَّ تكلفة الإنزال الجوي أعلى بـ35 مرة من تكلفة القوافل البرية، بحسب مدير مركز العمل الإنساني، رالف زودهوف. وكذلك يتحدث مارفن فورديرر، وهو خبير مساعدات الطوارئ في الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع، عن "إنزال جوي رمزي وغير فعال". ووصف في حوار مع DW مشكلة جوهرية قائلًا إنَّ: "الحمولة يتم إسقاطها في محيط خطر جدًا ومن دون تنسيق، ومن دون تحديد منطقة الإنزال، ومن دون هياكل أمنية". وأضاف أنَّ المساعدات غالبًا لا تصل إلى الأشخاص الذي يعتبرون في أمس الحاجة إليها - "بل إلى الذي لا يزالون قادرين على التنقل لشق طريقهم عبر الأنقاض والشوارع المزدحمة إلى موقع إنزال المساعدات والصراع من أجل الحصول عليها". وفي كل يوم تقريبًا يتم الإبلاغ عن وقوع وفيات عند مراكز التوزيع القليلة التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) المثيرة للجدل. وتتولى هذه المؤسسة الأمريكية توزيع المساعدات في قطاع غزة منذ أيار/مايو بمباركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن حظرت إسرائيل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ولكن مؤسسة غزة الإنسانية فشلت في ضمان الأمن بمراكز التوزيع. ويضاف إلى ذلك - بحسب الأمم المتحدة - أنَّ الجيش الإسرائيلي كثيرًا ما يطلق النار على المنتظرين. وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فقد قُتل بين 27 أيار/مايو و21 تموز/يوليو على يد جنود إسرائيليين أكثر من 1000 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية. ولذلك تطالب منظمات الإغاثة بمرور مساعدات الإغاثة من دون عوائق إلى قطاع غزة والعودة إلى النظام القديم. فبدلًا من توزيع المساعدات في عدد قليل من النقاط الساخنة، كان يتم توزيعها حتى الربيع بشكل لامركزي في نحو 600 نقطة توزيع. وفي مؤتمر صحفي ببرلين قال رياض عثمان، خبير شؤون الشرق الأوسط في منظمة ميديكو إنترناشونال: "قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان يصل ما بين 500 و600 شاحنة يوميًا إلى سكان غزة واقتصادها. أما اليوم، فلا يمكن تلبية حاجة القطاع بـ600 شاحنة يوميًا، وذلك ليس فقط بسبب تدمير البنية التحتية الأساسية ونظام الرعاية الصحية بشكل ممنهج في غزة، بل كذلك بسبب تدمير الزراعة أيضًا". وحمولة الشاحنة الواحدة تحتوي في العادة على نحو 20 طنًا من مساعدات الإغاثة؛ وكثيرًا ما تحتوي بالإضافة إلى الغذاء على لوازم طبية أساسية ومياه للشرب. وقالت وحدة "كوجات" التابعة للجيش الإسرائيلي والمسؤولة عن الموافقة وتنسيق دخول المساعدات إلى غزة، على منصة "إكس" إن 260 شاحنة إضافية دخلت إلى القطاع يوم الثلاثااء (29/7/2025). وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر، قتلت حركة حماس أكثر من 1200 شخص في إسرائيل خلال هجوم إرهابي منسّق، واحتجزت 250 آخرين كرهائن في قطاع غزة. وإثر ذلك أعلنت إسرائيل أنَّ هدفها العسكري هو القضاء على حماس، ولكنها تسببت أيضًا بسقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين وبتدمير قطاع غزة بشكل واسع النطاق. وتتحدث الآن السلطات الصحية التابعة لحماس عن قتل أكثر من 60 ألف شخص، من بينهم على الأقل 147 شخصًا ماتوا بسبب الجوع. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة فلسطينية إسلاموية مسلحة تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. بعد انتهاء وقف إطلاق النار في الربيع، قطعت إسرائيل وصول جميع الإمدادات لأكثر من 80 يومًا. ومنذ عدة أيام يقوم الجيش الإسرائيلي يوميًا بوقف القتال بشكل مؤقت في قطاع غزة، ويسمح بدخول المزيد من المساعدات عبر البر. وانتقد وزير الأمن اليميني المتطرف في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير، هذا الإجراء بوصفه "إفلاس أخلاقي … ويجب أن نرسل قنابل وليس الغذاء". وضمن هذا السياق قالت يوليا دوخرو، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في ألمانيا: "توجد أدلة كافية على أنَّ إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب". وطالبت الحكومة الألمانية بوقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل وبزيادة الضغط الدبلوماسي على حكومة نتنياهو. وبدورها منعت الحكومة الإسرائيلية الكثير من المنظمات الدولية غير الحكومية من الوصول إلى قطاع غزة؛ وحتى الجمعية الألمانية لمكافحة الجوع لا تستطيع حاليًا تقديم المساعدة إلا عبر منظمات محلية شريكة. ويدعو مارفن فورديرر إلى وقف دائم لإطلاق النار وفتح المعابر الحدودية لدخول المساعدات الإنسانية. وعندئذٍ تستطيع جمعيته نقل المساعدات خلال ساعات من الأردن إلى داخل قطاع غزة، كما يقول فورديرر: "هذه القوافل تستطيع الإنطلاق خلال ساعات، بمجرد أن تسمح الظروف السياسية بذلك". وفي المقابل يجب من أجل الإنزالات الجوية المخطط لها الآن إعادة التخطيط اللوجستي من جديد، وهذا يرتبط بتكاليف إضافية، بحسب قول فورديرر: "من المثير جدا للاهتمام أنَّ تفكر ألمانيا في ذلك الآن مع سعي الحكومة الألمانية لخفض ميزانية المساعدات الإنسانية بنسبة 53 بالمائة. وفي مثل هذه الحالة من الصعب إنفاق الملايين على إنزالات جوية رمزية وغير فعالة". بيد أنَّ سلاح الجو الألماني لديه خبرة سابقة في الإنزالات الجوية فوق غزة: فقد نفذت في ربيع عام 2024 طائرات نقل عسكرية من طراز A400M إنزالات جوية مشابهة لعشرة أسابيع. وبلغت حصيلتها النهائية 315 طنًا من المساعدات. وبناءً على الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية البالغ 500 شاحنة يوميًا، يمكن أن تغطي هذه الكمية احتياجات الأهالي الجائعين في قطاع غزة لفترة أقل من ثماني ساعات. أعده للعربية: رائد الباش


DW
منذ 3 أيام
- DW
15 دول غربية وازنة تحشد للاعتراف بدولة فلسطينية.. من هي؟ – DW – 2025/7/30
حثت 15 دولة غربية منها فرنسا وكندا وأستراليا، بلدان العالم إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية. تزامن هذا مع تأكيد بريطانيا عن خطط الاعتراف ليس "مكافأة لحماس وإنما يتعلق بالشعب الفلسطيني". قال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الأربعاء (30 يوليو/تموز 2025) إن فرنسا و14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، دعت دول العالم إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية. وكتب بارو عبر اكس "في نيويورك مع 14 دولة أخرى توجه فرنسا نداء جماعيا: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا". وصدرت الدعوة من الدول الخمس عشرة في ختام مؤتمر وزاري عُقد يومي الاثنين والثلاثاء في نيويورك، برعاية فرنسا و السعودية بهدف إحياء حل الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. والى جانب فرنسا، انضمت كندا وأستراليا، العضوان في مجموعة العشرين، إلى النداء. وقعت دول أخرى الدعوة وهي أندورا وفنلندا وايسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنروج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأعربت تسع دول منها لم تعترف بعد بدولة فلسطينية عن "استعداد بلادها أو اهتمامها الإيجابي" في الاعتراف بها ، وهي أندورا وأستراليا وكندا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والبرتغال وسان مارينو. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي أن فرنسا ستعترف رسميا بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في أيلول/سبتمبر. وخلال هذا المؤتمر، حضّت 17 دولة، بينها السعودية و قطرو مصر، حركة حماس على تسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية. وفي سياق متصل، رفضت بريطانيا انتقادات وجهت إليها بأنها تكافئ حماس من خلال وضع خطط للاعتراف بدولة فلسطينية ما لم تتخذ إسرائيلخطوات لتحسين الوضع في قطاع غزة وإحلال السلام. وفي خطاب نقله التلفزيون الثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطين إلا إذا اتّخذت إسرائيل إجراءات معينة. وأشار إلى أن فرص حل الدولتين، دولة فلسطينية تتعايش بسلام إلى جانب إسرائيل، مهددة. وأضاف ستارمر أن بريطانيا ستتخذ الخطوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول ما لم تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة وتعلن بوضوح أنه لن يكون هناك ضم للضفة الغربية وتلتزم بعملية سلام طويلة الأمد تُفضي إلى حل الدولتين. وأثار ذلك توبيخا على الفور من نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن ستارمر يكافئ حماس ويعاقب القتلى والمصابين الذين سقطوا في هجومها عبر الحدود في عام 2023. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يعتقد أنه "يجب مكافأة" حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وردا على سؤال حول هذا الانتقاد، قالت وزيرة النقل البريطانية هايدي ألكسندر، التي كلفتها الحكومة بالرد على الأسئلة في سلسلة من المقابلات الإعلامية اليوم الأربعاء، إن هذه ليست الطريقة الصحيحة لتوصيف خطة بريطانيا. وقالت "هذه ليست مكافأة لحماس. حماس منظمة إرهابية حقيرة ارتكبت فظائع مروعة. الأمر يتعلق بالشعب الفلسطيني. يتعلق بأولئك الأطفال الذين نراهم في غزة يتضورون جوعا حتى الموت". وأضافت "علينا أن نزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإلغاء القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى غزة". تحرير: خالد سلامة