
خدعة ترامب وسر البند 232.. مكاسب حرب الرسوم في أميركا.. من سيدفع الثمن؟
الاتحاد الأوروبي
والمكسيك، بدءاً من مطلع أغسطس/آب المقبل، بعد فشل مفاوضات التوصل إلى
اتفاق تجاري
شامل، كما أعلن فرض رسوم من 25% إلى 35% على كندا وهدّد بالمزيد. الأخطر أن هذه الرسوم ليست استثناء، بل هي جزء من حملة تهديد شملت 25 شريكاً تجارياً تلقوا رسائل رسمية من
البيت الأبيض
، تضمنت تهديدات بفرض رسوم تتراوح بين 20% و50%، على رأسهم اليابان والبرازيل وعدد من الدول العربية مثل العراق والجزائر وتونس وليبيا.
وصفت إدارة ترامب هذه الإجراءات بأنها خطوة "لإعادة التوازن التجاري"، بينما ردت الدول المستهدفة، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والمكسيك، بأنها "تعسفية" وتلحق ضرراً جسيماً بسلاسل الإمداد العالمية، كما لوّحت بعض الأطراف، منها بروكسل، باحتمال اللجوء إلى تدابير مضادة. ووفق رسائل ترامب التي نشرها على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، فإنّ هذه الرسوم تدخل حيّز التنفيذ مطلع أغسطس المقبل، ما لم يجرِ التوصل إلى اتفاقات تجارية ثنائية جديدة. وبحسب بيانات وزارة التجارة الأميركية، فإنّ هذا التصعيد يمثل أكبر نطاق تهديد جمركي منذ عام 1980، من حيث عدد الدول المستهدفة ونوعية السلع.
وبعيداً عن التوترات الدولية التي أثارتها تهديدات ترامب الجمركية، ترصد "العربي الجديد" في هذا التقرير أكبر الرابحين والخاسرين المحتملين داخل أميركا من زيادة الرسوم الجمركية، سواء على صعيد الصناعات والشركات أو على صعيد المناطق والولايات.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الاتحاد الأوروبي يمدد تعليق الرسوم المضادة بحق أميركا
سر البند 232
اللافت أنّ الرسوم المعلنة منفصلة عن الرسوم القطاعية المفروضة مسبقاً على السيارات (25%) والصلب والألومنيوم (50%)، ما يعني أنها تضاف إليها، وليست بديلاً منها، وفق توضيح ترامب في رسالته لرئيسة المفوضية الأوروبية، كما أن فرض هذه الرسوم لا يعتمد على آلية مراجعة برلمانية أو إشراف من منظمة التجارة العالمية، إذ تستند الإدارة إلى "الفقرة 232" من قانون التجارة، التي تمنح الرئيس صلاحيات استثنائية لحماية الأمن القومي، وهو ذات البند الذي استخدمه ترامب سابقاً في نزاعه مع الصين في 2018.
وتأتي تهديدات ترامب الجمركية في ظلّ تحسن لافت في مؤشرات الاقتصاد الأميركي، وهو ما يمنح إدارة ترامب فرصة لتمرير قرارات حمائية حادة دون خشية من انعكاسات مباشرة على المزاج الاستثماري أو سوق العمل. ووفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال بين 69 اقتصادياً، ونشرت نتائجه السبت الماضي، فإن الاقتصاد الأميركي أظهر مرونة مفاجئة رغم التصعيد الجمركي، ما يبقي المجال مفتوحاً أمام الإدارة الأميركية لمواصلة سياساتها التجارية دون مخاطر فورية على النمو أو الوظائف. وبحسب نتائج الاستطلاع، فقد تراجعت توقعات حدوث ركود خلال 12 شهراً إلى 33% بعد أن كانت 45% في إبريل/ نيسان الماضي، بينما ظل إنفاق المستهلكين قوياً، وسجلت سوق العمل تحسناً في عدد الوظائف ومعدل البطالة.
الصناعات الرابحة
من المتوقع أن تشهد قطاعات التصنيع الأميركي (المحلي) قفزة في الطلب والإنتاج، مستفيدة من تقلص المنافسة الخارجية للبضائع المستوردة وارتفاع تكلفة الاستيراد نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية عليها. وبحسب تحليل نشره بنك أوف أميركا، فإنّ الشركات التي تعتمد على التصنيع المحلي داخل الولايات المتحدة، وتتمتع بسلاسل توريد داخلية، ستكون الأكثر استفادة من موجة التصعيد التجاري الجديدة، ما يعني أن المستفيد الفوري سيكون الشركات التي كانت تمارس أنشطتها الإنتاجية محلياً منذ البداية، خصوصاً في القطاعات التي لا تعتمد بكثافة على المكونات المستوردة.
وأوضح البنك أن الصناعات التي تحتفظ بسلاسل إمداد قصيرة وقريبة جغرافياً من مراكز الاستهلاك الأميركي (مثل المواد الإنشائية، والصناعات الزراعية، ومعدات الطاقة) ستشهد ربحية أعلى من المتوسط في ظل ارتفاع تكلفة البدائل المستوردة. في طليعة هذه القطاعات تأتي صناعة السيارات، خاصّة تلك التي تعتمد على سلسلة توريد داخلية بالكامل أو جزئياً. فمع فرض رسوم جديدة على السيارات الأوروبية والمكسيكية، يرتفع الطلب تلقائياً على السيارات المصنّعة محلياً مثل شاحنات فورد وجي إم، التي يتوقع أن تستعيد جزءاً من حصتها السوقية التي فقدتها لصالح السيارات اليابانية والألمانية. وبحسب تقديرات شركة إدموندز، المتخصّصة بتحليل أسواق السيارات، فإنّ أسعار السيارات المستوردة قد ترتفع بمقدار 7 إلى 12% خلال ثلاثة أشهر من دخول الرسوم حيّز التنفيذ، ما يمنح السيارات الأميركية أفضلية نسبية لدى المستهلك.
كذلك تستفيد صناعة الحديد والصلب، التي حظيت في السابق برسوم حمائية في عهد ترامب، من إعادة توسيع نطاق الحرب التجارية، إذ يؤدي فرض رسوم 50% على واردات المعادن من كندا والبرازيل إلى تقليل الواردات وزيادة الطلب على المنتج المحلي. وتشير بيانات وزارة التجارة الأميركية إلى أن مصانع الحديد في أوهايو وبنسلفانيا قد تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية خلال الربع الثالث من 2025، وهما ولايتان تشكلان ثقلاً سياسياً كبيراً في الانتخابات المقبلة، ما يفسر جزئياً التوجه السياسي لهذه الرسوم.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
عجز الموازنة الأميركية يتفاقم رغم تصاعد عائد الرسوم الجمركية
الشركات المستفيدة
لا يتوقف الأمر على الصناعات الثقيلة فحسب، بل يشمل أيضاً قطاعات الأغذية المصنّعة، والأدوية الجنسية، والتعبئة والتغليف، التي ستستفيد من ارتفاع أسعار بدائلها المستوردة. فعلى سبيل المثال، من شأن فرض رسوم على المنتجات الدوائية الأوروبية أن يعيد التوازن التنافسي لصالح شركات مثل "فايزر" و"آب في"، التي تنتج أدوية داخل الولايات المتحدة، وتخسر جزءاً من حصتها في السوق لصالح منافسين أوروبيين بسعر أقل، وأشار تقرير صادر عن غرفة التجارة الأميركية إلى أن "الصناعات الخاسرة في العولمة خلال العقدَين الماضيَين قد تجد الآن فرصة لاستعادة وزنها الإنتاجي".
في السياق نفسه، تتوقع بورصات المال أن ترتفع أسهم الشركات المحلية المدرجة في قطاعات التصنيع والطاقة والزراعة، وهو ما بدأ يظهر بالفعل في مؤشر داو جونز الصناعي بعد الإعلان عن الرسوم، إذ سجل صعوداً بنسبة 1.2% مدفوعاً بمكاسب لأسهم "كاتربيلر" و"دير" و"يو إس ستيل". لكنّ هذه المكاسب، رغم وضوحها على المدى القريب، لا تأتي من فراغ، بل تمول فعلياً من جيب المستهلك الأميركي الذي سيدفع أسعاراً أعلى للسلع البديلة.
خريطة مكاسب الولايات... مَن يستفيد أكثر؟
تشير معظم التقديرات في أميركا إلى أن الولايات الصناعية التقليدية ستكون المستفيد الأكبر من سياسة ترامب الجمركية، بينما تتحمل ولايات أخرى كلفة أعلى من حيث الاستهلاك والتضخم. فمن خلال تتبع الصناعات التي ستنتعش تحت مظلة الرسوم الجمركية، يمكن رسم خريطة واضحة للمكاسب السياسية والاقتصادية المتوقعة في الداخل الأميركي، خصوصاً مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2026. وتأتي في مقدمة الولايات الأميركية الأكثر استفادة من سياسة ترامب الجمركية ولايات مثل أوهايو وبنسلفانيا وويسكنسن وميشيغن، التي تضم النسبة الأكبر من مصانع الحديد والسيارات والآلات الثقيلة، وهي قطاعات تستفيد مباشرة من تقييد المنافسة الخارجية.
ووفق تحليل صادر عن معهد بروكينغز في واشنطن، فإنّ نحو 68% من المنشآت الصناعية التي ستشهد زيادة فورية في الطلب تقع ضمن ولايات تعتبر ساحات انتخابية متأرجحة بين الجمهوريين والديمقراطيين. ومن هنا، فإنّ اختيار القطاعات المستفيدة لم يكن اقتصادياً فحسب، بل يحمل بعداً سياسياً واضحاً يصبُّ في خدمة ترامب بالانتخابات النصفية. في المقابل، تواجه ولايات الساحل الشرقي مثل نيويورك وماساتشوستس وكاليفورنيا ونيفادا، تحديات أكبر، لأنها تعتمد على سلاسل إمداد معولمة على نحوٍ أوسع، خاصّة في قطاعات الإلكترونيات والتجزئة والمنتجات المستوردة من آسيا وأوروبا.
وتشير دراسة نشرها مركز أبحاث الاقتصاد الإقليمي، التابع لجامعة كاليفورنيا، إلى أنّ أكثر من 40% من الشركات الصغيرة في ولاية كاليفورنيا تعتمد على واردات تخضع الآن لتهديد الرسوم، ما يعني ارتفاعاً متوقعاً في الأسعار، واضطراباً في سلاسل الإمداد، قد يضرّ بقدرتها التنافسية. أما في ولايات الجنوب مثل تكساس ولويزيانا، فالوضع أكثر تعقيداً. فرغم وجود صناعات ثقيلة يمكن أن تستفيد من سياسات ترامب، إلّا أن هذه الولايات تعتمد أيضاً على التصدير إلى دول مثل المكسيك والبرازيل، ما يعني أنها قد تتأثر بردات الفعل الانتقامية من تلك الدول، وقد عبر اتحاد الشركات في تكساس عن "قلقه العميق" من فقدان العقود التصديرية الزراعية والصناعية مع دول الجوار، في حال تنفيذ الرسوم المتبادلة.
ويلاحظ أنّ العديد من الشركات متعدّدة الجنسيات بدأت بالفعل مراجعة استراتيجيات التموضع الجغرافي للمصانع، تحسباً لطول أمد الحرب التجارية، إذ كشفت بيانات صادرة عن وزارة العمل الأميركية أن ولايات وسط البلاد، المعروفة بـ"حزام الصدأ"، سجلت زيادة في طلبات الاستثمار الصناعي المحلي خلال النصف الأول من 2025، مدفوعة بتوقعات تصاعد الحماية التجارية. وهو ما يفتح الباب أمام موجة "إعادة توطين صناعي" تعيد للأذهان ما حدث بين عامَي 2017 و2019. ما سبق يعني أن التأثيرات الجغرافية للرسوم الجديدة ليست متساوية، بل تبدو أشبه بـ"إعادة توزيع للثروة الصناعية" داخل البلاد، ويرى محلّلون أن هذا التفاوت قد يعيد رسم الخارطة السياسية والاقتصادية، ويمنح ترامب قاعدة انتخابية صلبة في المناطق الصناعية مقابل قلق متصاعد في مناطق الانفتاح التجاري.
أسواق
التحديثات الحية
مخاوف الرسوم الجمركية تخفض وول ستريت من مستويات قياسية
مَن سيدفع الثمن؟
رغم أن الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب قد تبدو فرصة ذهبية لبعض الصناعات الأميركية، إلّا أنّ تداعياتها على المدى المتوسط والبعيد تحمل قدراً كبيراً من المخاطر، سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أو على مستوى المستهلك الأميركي. ففي الوقت الذي تحقق فيه قطاعات بعينها مكاسب من ارتفاع الأسعار على الواردات، فإنّ تكلفة هذه السياسة تمول في النهاية من جيب المواطن، ومن ميزانيات الشركات التي تعتمد على مكونات أجنبية في إنتاجها، فضلاً عن احتمالات الردود الانتقامية من الشركاء التجاريين المتضرّرين.
وتشير تقديرات مؤسّسة "موديز أناليتكس" إلى أنّ الرسوم الجمركية الجديدة قد ترفع معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 0.4 و0.7% خلال الربع الثالث من 2025، إذا ما جرى تطبيقها بالكامل دون إعفاءات؛ فالمستهلك الأميركي سيدفع سعراً أعلى للسيارات والأدوية والمنتجات الإلكترونية المستوردة من أوروبا وكندا واليابان، إذ ستحمّل الرسوم تلقائياً على سعر البيع النهائي. وهذا ما بدأت تظهر مؤشراته فعلياً في بيانات يونيو/حزيران الماضي، إذ سجلت أسعار السلع المعمرة ارتفاعاً بنسبة 2.1% مقارنة بالشهر السابق، وهو أعلى معدل شهري منذ عامين.
من ناحية أخرى، يهدّد هذا التصعيد بردود انتقامية قد تعرقل الصادرات الأميركية في قطاعات حساسة مثل الطيران والزراعة والطاقة، فقد أعلنت المفوضية الأوروبية أنها "تدرس اتّخاذ تدابير مضادة متناسبة"، تشمل فرض رسوم على المنتجات الزراعية الأميركية، وعلى طائرات بوينغ، وعلى خدمات الحوسبة السحابية. أما المكسيك، التي تعد الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة من حيث حجم التبادل، فقد ألمحت إلى إمكانية فرض تعرِفات على السلع الغذائية ومشتقات الوقود، وحذرت غرفة التجارة الأميركية من أن "الردود المتبادلة ستؤدي إلى تقلص إجمالي حجم التجارة، وتهديد استقرار آلاف الوظائف المرتبطة بالتصدير".
كما أن الرسوم تربك سلاسل الإمداد الصناعية، خاصّة في القطاعات التي تعتمد على استيراد أجزاء معينة من الخارج ثم تجميعها داخل الولايات المتحدة. على سبيل المثال، تعتمد شركات كبرى مثل "آبل" و"جنرال إلكتريك" و"تسلا" على مكونات من أوروبا وآسيا يصعب إنتاجها محلياً. ومع فرض الرسوم الجديدة، تصبح كلفة الإنتاج أعلى، وهو ما قد يدفع بعض الشركات إلى تأخير الاستثمار أو نقله إلى دول محايدة تجارياً. وهذا يعاكس الهدف المعلن لسياسة ترامب الجمركية، المتمثل في "إعادة التوطين الصناعي". وبذلك، يتّضح أن مكاسب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها ترامب ليست مضمونة، وأنها قد تفتح الباب أمام موجة من الارتدادات السلبية محلياً ودولياً، تهدّد بتآكل بعض ما تحققه من أرباح أولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 43 دقائق
- العربي الجديد
مفارقات العلاقة بين دمشق وواشنطن
لا نملك معطيات كافية لفهم طبيعة الدور الذي لعبته إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن، في التحولات العميقة التي شهدتها سورية في الهزيع الأخير من العام الماضي، لكنّنا بتنا، مع ذلك، نعرف أن المفاوضات ظلت مستمرّة مع نظام الأسد، بوساطة عُمانية، حتى بعد سيطرة فصائل المعارضة على حلب، بحسب تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. تضمن العرض استعداد إدارة بايدن لسحب القوات الأميركية من مناطق شرق الفرات إذا وافق الأسد على فكّ تحالفه مع إيران، وأوقف خط إمداد حزب الله عبر سورية. لكن إدارة بايدن، وفيما كانت تغري الأسد بالانقلاب على حلفائه، كانت تمنع، في الوقت نفسه، المليشيات العراقية (جماعة الحشد الولائي) من عبور الحدود لدعم نظامه الذي تهاوى بسرعة صدمت حتى إدارة بايدن نفسها بشهادة كبار مسؤوليها (وزير الدفاع لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن). سوف تُبدي لنا الأيام، بالتأكيد، تفاصيل إضافية تساعد في رسم صورة أكثر وضوحاً لمجريات الأيام الـ 12 التي هزّت سورية والمشرق، لكن الواضح أن إدارة بايدن لزمت الحذر في التعامل مع "زلزال" سقوط نظام الأسد، ووصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم في دمشق، ولم تشأ تقييد خلفها بسياسة معينة تجاه دمشق. خلال الشهور الثلاثة الأولى من حكمها، لم تبدِ إدارة ترامب اهتماماً كبيراً بسورية، حتى إنّ ترامب نفسه لم يذكرها سوى مرّة أو اثنتين عرضاً، وكملف ملحق بقضايا إقليمية أكثر أهمية بالنسبة إليه، أبرزها عندما أبدى خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، في البيت الأبيض، استعداداً للوساطة في الصراع بين حليفيه في أنقرة وتل أبيب حول سورية، كاشفاً أنه قال لأردوغان "أعرف أنك أنت من أخذ سورية". كان واضحاً خلال هذه الفترة وجود تيارين داخل إدارة ترامب يتنازعان السياسة حول سورية؛ الأول تعبّر عنه وزارة الخارجية، ويرى بضرورة منع انزلاق سورية إلى الفوضى، وإعطاء إدارة دمشق الجديدة فرصة لإثبات أنها تغيّرت، وقطعت مع ماضيها. والتيار الثاني يعبّر عنه الجناح الأمني في الإدارة، ويقف على رأسه سبستيان غوركا، مسؤول ملف الإرهاب في مجلس الأمن القومي، وتولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية، ويتخذ موقفاً متشكّكاً ومتشدّداً من حكّام دمشق الجدد. ساعد تدخل تركيا ودول خليجية، في مقدمتها السعودية وقطر، في ترجيح كفة وزارة الخارجية في واشنطن، من طريق التأثير على ترامب، وإقناعه بأهمية الانخراط مع دمشق، والاستثمار في التحول الكبير الذي مثله سقوط الأسد. التغيير في الموقف الأميركي، عقب لقاء ترامب برئيس السلطة الانتقالية السورية أحمد الشرع، في زيارته الرياض في 13 مايو/ أيار الماضي، كان عميقاً وسريعاً، إذ رفعت الولايات المتحدة أو جمّدت أكثر العقوبات عن سورية، وبعضها يمتد عقوداً، وتوجت ذلك برفع هيئة تحرير الشام، أخيراً، من قائمة التنظيمات الإرهابية، التي كانت دخلتها عام 2012. لا شكّ أن الوساطات العربية الخليجية والتركية لعبت دوراً مهمّاً في تغيير موقف ترامب، لكن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة بدأت تدرك حجم المصالح المرتبطة بالتغيير الذي شهدته دمشق. بالنسبة إلى إدارة ترامب، وآخر همها الديمقراطية، تمثل سورية فرصة لإحداث تحوّل عميق في الشرق الأوسط لا يقلّ أهمية عن التحوّل الذي أحدثه غزو العراق عام 2003، بل هي فرصة لمحو بعض آثاره، من ذلك تفكّك الدولة المشرقية، وهيمنة جماعات ومليشيات مسلّحة يصعب السيطرة عليها، بعكس السلطات المركزية، فضلاً عن تغوّل النفوذ الإيراني، وصعود التنظيمات الجهادية ردَّ فعل عليه. السلطة الجديدة في دمشق يمكن أن تؤدي دوراً مهمّاً في الترتيب الجديد للمنطقة، وهي تبدي كل الاستعداد لذلك. طبعاً، لا يمكن أن يكتمل المشهد الجديد، بالنسبة لواشنطن، إلّا بالتطبيع مع إسرائيل، الذي قال المبعوث الأميركي، توماس برّاك، أنه أحد الشروط الخمسة لرفع العقوبات عن سورية. برّاك يتولى حاليّاً إدارة شؤون سورية ولبنان، وهو يقود التوجّه الأميركي الجديد في المنطقة، ومثل رئيسه، ترامب، يتعامل مع القضايا السياسية الحسّاسة بكثير من "الشخصنة"، بما في ذلك إفراطه في التعبير عن "مشاعر الحب" للسلطة السورية الجديدة، رغم أنه، يدرك، باعتبار جذوره المشرقية (لبنانية)، أن الكثير من الحب قد يكون مؤذياً، لكنه، يعطي، من جهة ثانية، فكرة عن مقدار التحوّل في العلاقة بين دمشق وواشنطن، من العداء إلى الاحتضان، في ستة شهور.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
ترامب: على زيلينسكي عدم استهداف موسكو
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، إنه لا ينبغي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شن هجمات على العاصمة الروسية موسكو، مؤكداً أن أي استهداف كهذا "لن يكون مقبولاً". جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحافي، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول"، حيث نفى أيضاً أن تكون الولايات المتحدة قد زودت أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، ولوّح بفرض "رسوم جمركية ثانوية" على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار . وأعرب ترامب عن "خيبة أمله" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً: "في الأشهر الثلاثة الماضية نجحت في إيجاد حلول لعدد من النزاعات، لكنني لم أتمكن من فعل الشيء نفسه مع الحرب الروسية الأوكرانية". وشدد ترامب على أن "هذه الحرب هي حرب الرئيس السابق جو بايدن، وليست حرب ترامب"، مضيفاً: "أنا هنا لأخلص الجميع من هذه الفوضى". ورداً على سؤال عما إذا كان يقف مع أوكرانيا، أجاب: "لا أقف مع أي طرف، أنا أقف مع الإنسانية". تحليلات التحديثات الحية ترامب يدخل حرب أوكرانيا بالوكالة ويترك حروب الشرق الأوسط لنتنياهو ويأتي هذا بعد أن ذكر موقع أكسيوس نقلاً عن مصدرين مطلعين أنه من المتوقع أن يعلن ترامب عن خطة جديدة لتسليح أوكرانيا بأسلحة هجومية، في تراجع كبير عن موقفه السابق الذي يؤكد فيه أنه سيقدم أسلحة دفاعية فقط لتجنب تصعيد الصراع. وبحسب الموقع، فإن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يأملون بأن تؤدي هذه الخطوة إلى تغيير مسار الحرب وتحوّل موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن وقف إطلاق النار، إذ أعرب المصدران عن اعتقادهما بأن الخطة ستشمل على الأغلب صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أهداف في عمق الأراضي الروسية بما في ذلك موسكو. وكان الرئيس فولوديمير زيلينسكي قد اقترح تسليح بلاده بأسلحة هجومية خلال اجتماع حلف شمال الأطلسي (ناتو) قبل نحو أسبوعين. وقال مسؤولون أميركيون وأوكرانيون، بحسب الموقع، إن لقاء ترامب وزيلينسكي في القمة كان "الأفضل حتى الآن". وقال مسؤول أميركي "جاء زيلينسكي كإنسان عادي، لا كشخص مجنون، وكان يرتدي ملابس تناسب حلف الناتو، برفقته مجموعة من الأشخاص الذين بدوا أيضًا غير مجانين. لذا دار بينهم حديث جيد"، حيث ارتدى زيلينسكي بدلة في القمة لأول مرة منذ عام 2022. (الأناضول، العربي الجديد)


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
انتقادات حادة لمرشح ترامب لمنصب السفير لدى الأمم المتحدة
واشنطن: دافع مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مايك والتز الثلاثاء عن استخدامه مجموعة دردشة للتباحث في خطط عسكرية في مواجهة تهم بالكذب، وذلك خلال جلسة لمناقشة تعيينه سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. في آذار/مارس قال رئيس تحرير مجلة 'ذي أتلانتيك' إن والتز ضمّه من طريق الخطأ إلى مجموعة دردشة على تطبيق 'سيغنال' ناقش خلالها مسؤولون ضربات وشيكة لليمن. واتّهم السناتور الديموقراطي كوري بوكر والتز بتعمّد إلحاق الأذى بالصحافي بادّعائه زورا أن الأخير اخترق المجموعة. وقال بوكر متوجّها إلى والتز 'لم تعمد فحسب الى عدم تحمل المسؤولية، بل كذبت'. وأعرب بوكر عن 'خيبة أمل عميقة إزاء ما أعتبره إخفاقا في القيادة من جانبك'. وأشار والتز إلى توجيهات للرئيس السابق جو بايدن كانت تتيح استخدام تطبيق سيغنال المشفر، لافتا إلى أن البيت الأبيض لم يتّخذ أي إجراء تأديبي. وتابع 'إن استخدام (تطبيق) سيغنال لم يكن مصرحا به فقط، بل ما زال مصرحا به وموصى به بشدة'، مشددا على ان أي معلومات 'سرية' لم يتم تداولها في الدردشة. هذا التفسير لم يقنع السناتور الديمقوراطي كريس كونز الذي أبدى قلقه إزاء عدم اتّخاذ البيت الأبيض أي إجراء. وقال كونز 'كنت تشارك تفاصيل حول ضربة جوية وشيكة، توقيت الانطلاق والأهداف المحتملة'، مشددا على أن هذه المعلومات 'حساسة بشكل مثبت'. وبقي والتز الذي سبق أن شغل منصب نائب وضابط في القوات الخاصة، أقل من أربعة أشهر في منصب مستشار الأمن القومي قبل أن يعيّن ترامب في الأول من أيار/مايو بدلا منه ماركو روبيو الذي يشغل أيضا منصب وزير الخارجية. لم ينف والتز أنه بقي يتقاضى راتبه، وشدد على أنه لم يتم 'فصله' وما زال يعمل 'مستشارا'. السناتور جاكي روزن التي أثارت قضية الراتب، شدّدت على وجود تناقض بين أفعال والتز وتعهّده 'القضاء على الهدر والإنفاق غير الضروري في الأمم المتحدة'. وخفّض ترامب بشكل كبير المساعدات الخارجية وسحب الولايات المتحدة من هيئات عدة مدعومة من الأمم المتحدة. وتعهّد والتز الدفع نحو إصلاحات في الأمم المتحدة، متّهما المنظمة بـ 'معاداة السامية' وبـ'التسييس الراديكالي' بسبب انتقاداتها لإسرائيل والولايات المتحدة، على الرغم من أن واشنطن هي أكبر ممول لها. وقال إن الأمم المتحدة 'انحرفت عن مهمتها الأساسية المتمثلة في صنع السلام'، وأضاف 'لقد تضاعفت إيرادات الأمم المتحدة أربع مرات في الأعوام العشرين الماضية، مع ذلك أقول إن السلام في العالم لم يتضاعف أربع مرات'. (أ ف ب)