
تراجع التمويل الأمريكي في الشرق الأوسط: ما هي البدائل؟ – DW – 2025/7/21
قال مدير مشروع في سوريا لـ DW حول تخفيضات التمويل الأمريكي: " لا أحد يملك تصورًا دقيقًا عما يحدث حاليًا. ورغم عدم توقف الدعم بالكامل حتى الآن، فإننا نستمر في الإنفاق على أمل ألا يتوقف التمويل كليًا.
وفي بغداد، قال مؤسس شبكة الصحفيين العراقيين: "ما زلنا لا نعرف إذا كنا سنحصل على التمويل الذي وُعدنا به هذا العام. قد لا نستطيع دفع رواتب بعض صحافيينا، ونعمل الآن على التواصل مع منظمات أخرى لتعويض النقص، وطلب المصدران عدم الكشف عن هويتيهما خشية الانتقادات من الجهات المانحة.
وليس هذا الوضع مقتصرًا على جهة واحدة، فمع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهد التمويل الأمريكي للمساعدات الإنمائية الرسمية (ODA) تراجعًا كبيرًا.وتعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، المعروفة بالمساعدات الخارجية.
وتعد هذه الأموال بأنها " مساعدات حكومية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة في الدول النامية، مع التركيز على هذه الدول بشكل خاص". ويمكن أن تكون هذه المساعدات من دولة إلى أخرى مباشرة، أو متعددة الأطراف، حيث تجمع منظمات مثل الأمم المتحدة الأموال لتوزيعها. وقد ذكر الخبراء أن تخفيضات الميزانية في الولايات المتحدة وُصفت بـ«الفوضوية»، وكان تقليل حجم المساعدات الإنمائية الرسمية أمرًا مستمرًا حتى قبل ذلك.
ففي عام 2024، انخفضت هذه المساعدات عالميًا بأكثر من 7%، حيث قلصت دول أوروبية كبيرة والمملكة المتحدة أيضًا دعمها، ووجهت جزءًا أكبر من ميزانياتها إلى النفقات الدفاعية. وكان العام الماضي هو الأول منذ نحو 30 عامًا الذي شهدت فيه جهات مانحة رئيسية مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة تراجعًا واضحًا في حجم مساعداتها الإنمائية الرسمية.
في عام 2023، حصلت دول الشرق الأوسط على حوالي 7.8 مليار دولار (6.7 مليار يورو) من أصل 42.4 مليار دولار (36.3 مليار يورو) أنفقتها الولايات المتحدة في ذلك العام.
وبسبب هذا، كتب ليث العجلوني، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، في مارس/آذار: "ستشعر دول الشرق الأوسط بشدة بتأثير خفض المساعدات الأمريكية، لأن شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين ما زالوا يعتمدون كثيرًا على هذه المساعدات لتلبية احتياجاتهم العسكرية والاقتصادية."
وأوضح الباحث ليث العجلوني أن الولايات المتحدة، خلال الفترة من 2014 إلى 2024، تعهدت بتقديم نحو 106.8 مليار دولار لدول المنطقة. حصلت إسرائيل على ما يقل قليلاً عن ثلث هذا المبلغ، على الرغم من أن معظم هذه الأموال خُصصت لأغراض عسكرية. أما بقية الدول، فكان الدعم الأميركي يشكل جزءًا كبيرًا من دخلها القومي.
يقول العجلوني إن تمويل الطوارئ الخاص بالغذاء والماء في السودان، والأدوية في اليمن، وتغذية الأطفال في لبنان، بالإضافة إلى مخيمات النازحين في سوريا، بما في ذلك العائلات التي يُزعم ارتباطها بتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، جميعها معرضة للخطر.
وشدد العجلوني على أن دولاً أخرى مثل الأردن ومصر تعتمد بشكل كبير على التمويل الأجنبي لتحقيق "التنمية الاقتصادية" وللمساعدة في دعم اقتصاداتها المتعثرة، فيما تظل حجم الخسائر المحتملة بسبب خفض المساعدات غير واضح، لكن باحثين في مركز التنمية العالمية في واشنطن قدروا التداعيات ورجحوا أن بعض الدول ستفقد مبالغ كبيرة من المساعدات بسبب اختلاف الجهات المانحة الرئيسية لها، فيما قد تفقد دول أخرى قدراً يسيراً فقط.
على سبيل المثال، من المتوقع أن تشهد اليمن انخفاضًا بنسبة 19% في مساعداتها الإنمائية الرسمية بين عامي 2023 و2026. وفي عام 2025، كانت أكبر ثلاث جهات مانحة لها عبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) هي المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
من ناحية أخرى، قد يخسر الصومال ما يصل إلى 39% من مساعداته، وكانت الجهات المانحة الرئيسية عبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
قال فينتشنزو بوليتينو، مدير برنامج المجتمعات الصامدة في المبادرة الإنسانية بجامعة هارفارد في بوسطن، لـ DW: "من الواضح أن العجز في تمويل المساعدات لن يُسد على المدى القصير". وأضاف: "أما على المدى المتوسط والطويل، فمن المرجح أن يكون هناك مزيج متنوع من أشكال المساعدات".
ويتوقع بوليتينو أن يشمل ذلك عددًا أكبر من الدول "التي تقدم المساعدات والمساعدات الإنمائية بما يتناسب مع أهدافها السياسية". وقد أعلنت الوكالة الروسية الرئيسية للتعاون الدولي، ، مؤخرًا أنها ستعيد تنظيم نفسها لتصبح أشبه بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وستفتح فروعًا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ولكن، بميزانية سنوية لا تزيد عن 70 مليون دولار،و تُعد ميزانية صغيرة نسبيًا.
فيما يُطرح المال الصيني كبديل محتمل للتمويل الأمريكي والأوروبي، حذّر خبراء في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – وهو مركز أبحاث أمريكي – في يوليو/تموز من أن الصين قد رسّخت مكانتها بالفعل كأكبر منافس للولايات المتحدة في مجال التنمية العالمية."
لكن يشير الخبراء إلى أن الصين ليست مهتمة كثيرًا بالشرق الأوسط، بل هي أكثر نشاطًا في جنوب شرق آسيا وأفريقيا. ويوضح بوليتينو: "لم تلعب روسيا ولا الصين دورًا هامًا تقليديًا في نظام المساعدات الإنسانية الدولي، ومن غير المتوقع أن يتغير ذلك في وقت قريب".
يقول ماركوس لوي، الأستاذ ومنسق أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة (IDOS)، إنه من المرجح أن تكون دول الخليج الغنية هي الجهات المانحة الرئيسية في الشرق الأوسط.على مدار العقدين الماضيين، كانت أربع دول خليجية — المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت ـ جهات مانحة دولية مهمة.
وقال لوي لـ DW: "على سبيل المثال، تقدم المملكة العربية السعودية دعمًا كبيرًا لسوريا، كما دعمت لبنان بشكل واسع، وهم مستعدون بالتأكيد لتحمل جزء كبير من تكاليف إعادة الإعمار في غزة، شرط وجود اتفاق مقبول لوقف إطلاق النار".
نادرًا ما تخصص أموال خليجية للصناديق التي تديرها الأمم المتحدة، إذ تكون معظم المساعدات ثنائية مباشرة بين دولة وأخرى، لأن دول الخليج تميل إلى استخدام مساعداتها الإنمائية الرسمية بشكل عملي أكثر، أي كأداة دبلوماسية ترتبط بأهداف السياسة الخارجية .
كتب خالد المزيني، الأستاذ في جامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة، في تحليل حديث: "يميل متلقو المساعدات الذين يُعتبرون ذوي أهمية سياسية لدى المانحين الخليجيين إلى تلقي المزيد من المساعدات". فعلى سبيل المثال، رغم شنّ السعودية والإمارات حربًا على أجزاء من اليمن منذ عام 2015، إلا أنهما كانتا أكبر المانحين للبلاد.
لكن كما يشير بوليتينو، فإنالمساعدات الإنسانيةليست مخصصة لأغراض سياسية، وهذا يتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية للحياد والنزاهة.
ويضيف بوليتينو: المشكلة الأساسية في استخدام المساعدات كأداة تكمن في أنها قد تكون محفزًا للصراع والعنف بقدر ما تكون مصدرًا للسلام والأمن". ويشير إلى "مؤسسة غزة الإنسانية" كمثال، حيث أدى تقديم "المساعدات الإنسانية" للمدنيين الجائعين إلى مقتل مئات الفلسطينيين.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 7 ساعات
- DW
اتفاق أمريكي أوروبي على الرسوم الجمركية وتجنب نزاع تجاري – DW – 2025/7/27
اتفقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مع الرئيس الأمريكي دنالد ترامب على تسوية النزاع حول الرسوم الجمركية التي كان هدد بفرضها على صادرات الاتحاد الأوروبي. ورحب المستشار الألماني بالاتفاق وتجنب نزاع تجاري. أبرمت الولايات المتحدة اتفاق إطار تجاريا مع الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد (27 يوليو/تموز 2025) تفرض بموجبه رسوما جمركية 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنب الطرفان حربا تجارية بين حليفين يمثلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع الغولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس. وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماع استمر ساعة مع فون دير لاين "أعتقد أن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق". وردت فون دير لاين بالقول إن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة تطبق "على جميع القطاعات". وأضافت: "لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار". ويشمل الاتفاق أيضا استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتادا عسكريا أمريكا بمبالغ كبيرة. ومع ذلك سينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15 بالمئة على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم أنها أفضل من 30 بالمئة التي هدد بها ترامب. وقال ترامب: "اتفقنا على أن الرسوم الجمركية... على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوما مباشرة 15 بالمئة". ومع ذلك لن تطبق نسبة 15 بالمئة الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50بالمئة سارية عليهما. وفي 12 يوليو/ تموز 2025 هدد ترامب بفرض رسوم جمركية 30 بالمئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول أغسطس/ آب 2025، بعد مفاوضات لأسابيع مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد رسوما جمركية مضادة على 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) من السلع الأمريكية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وفي حال مضى ترامب قدما في فرض رسوم 30 بالمئة. من جانبه رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالتوصل إلى تفاهم في النزاع الجمركي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال السياسي زعيم الاتحاد المسيحي الألماني مساء اليوم الأحد: "بفضل هذا الاتفاق، أمكن تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يوجه ضربة قاسية للاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير"، مشيرا إلى أن تداعيات هذا النزاع كانت ستطال قطاع صناعة السيارات بشكل خاص، حيث تم تخفيض الرسوم الجمركية الحالية من 27,5 بالمئة بمقدار يعادل النصف تقريبا إلى 15بالمئة. وأكد ميرتس أن من الجيد أنه تم تجنب تصعيد غير ضروري في العلاقات التجارية عبر ضفتي الأطلسي، وأضاف: "لقد أثمرت وحدة الاتحاد الأوروبي والعمل الجاد للمفاوضين". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وقدم المستشار شكره لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والمفوض الأوروبي للتجارة ماروش شيفتشوفيتش، وقال: "في المفاوضات المقبلة المتعلقة بتفاصيل الاتفاق، تحظى المفوضية الأوروبية بدعمي الكامل"، وشدد ميرتس على أن العمل يجب أن يستمر من أجل تعزيز العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة. وأعرب ميرتس عن اعتقاده بأن أوروبا استطاعت الحفاظ على مصالحها الأساسية، رغم أنه كان يأمل في مزيد من التسهيلات في التجارة عبر الأطلسي، وقال: "العلاقات التجارية المستقرة والقابلة للتخطيط، والتي تضمن الوصول المتبادل إلى الأسواق، تعود بالنفع على الجميع من شركات ومستهلكين على جانبي الأطلسي سواء كان على هذا الجانب أو ذلك". تحرير: عارف جابو


DW
منذ 10 ساعات
- DW
لماذا يفضل ترامب "سلاح" الرسوم الجمركية على فرض العقوبات؟ – DW – 2025/7/27
يعوِّل دونالد ترامب على تحقيق أهدافه في السياسة الخارجية من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية بدلا من العقوبات. لكن الرسوم الجمركية تنطوي على خطر ارتفاع معدلات التضخم. فهل بدأ ترامب يُفكر الآن في العقوبات؟ إن تفضيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية من خلال الرسوم الجمركية هو أمر مثير للجدل. فبينما يراها البعض "أسوأ رهان في العالم" يعتبرها آخرون "أداة ضغط مجرّبة وقوية" لحماية المصالح الوطنية للولايات المتحدة. ومما لا شك فيه أن تهديدات ترامب المتكررة بفرض رسوم جمركية على عشرات الدول منذ عودته إلى البيت الأبيض في عام 2025 قد أثارت حالة كبيرة من عدم اليقين لدى الشركات الأمريكية وشركاء التجارة العالميين. رقصة ترامب الجمركية: إعلانات جريئة عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على البضائع الأجنبية تليها تراجعات مفاجئة تتماشى مع أهدافه السياسية والاقتصادية المتقلبة. وتبقى الأسواق المالية في حالة من التوتر، لأنها لا تعرف كيف أو متى أو ضد من سيقوم الرئيس بفرض الرسوم الجمركية في المرة القادمة. بلغت الرسوم الجمركية على الواردات من الصين التي تُعد أكبر منافس اقتصادي وعسكري للولايات المتحدة مستوى تاريخيا مرتفعا في شهر أبريل/ نيسان، إذ وصلت إلى 145 بالمائة قبل أن تنخفض بشكل ملحوظ في الشهر التالي بعد المحادثات التجارية التي جرت في لندن. إن الزيادة المفاجئة في الرسوم الجمركية من قبل ترامب ثم تراجعها لاحقا تُظهر كيف يستخدمها كأداة لتصحيح ما يعتبره تجارة غير عادلة نتيجة للنزاعات التجارية السابقة.وقالت جينيفر بيرنز، أستاذة التاريخ المساعدة في جامعة ستانفورد في تصريح لـDW إنّ "ما يُشكّل نظرة الرئيس هو الصعود السريع لليابان في الثمانينيات والشعور بأن اليابانيين أزاحوا صناعة السيارات الأمريكية الأسطورية من المنافسة لأن الولايات المتحدة كانت سخية جدا في شروطها التجارية". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تُعدّ الرسوم الجمركية السلاح المفضل لدى ترامب لمكافحة العجز التجاري الهائل الذي تعاني منه الولايات المتحدة، لا سيما مع الصين والذي بلغ بحسب مكتب الإحصاء الأمريكي نحو 295 مليار دولار أمريكي (253 مليار يورو) في عام 2024. وتتماشى الرسوم الجمركية أيضا مع أجندة ترامب "أمريكا أولا"، التي تهدف إلى حماية الصناعة المحلية وتعزيز خلق فرص العمل داخل الولايات المتحدة. ويدافع البيت الأبيض عن نهج الرئيس مؤكدا أن الرسوم الجمركية يمكن فرضها بسرعة، كما أنها، على عكس العقوبات، لا تُغلق الأسواق الأجنبية بالكامل أمام الشركات الأمريكية. وقالت صوفيا بوش، نائبة مدير قسم الجغرافيا الاقتصادية بمركز الأبحاث "المركز الأطلنطي" (Atlantic Council" في تصريح لـ DW: "يستطيع ترامب أن يزيد هذا الضغط متى شاء ثم يتراجع عنه إذا أصيبت الأسواق بالذعر أو إذا لم يعد يحقق هدفه. استخدام الرسوم الجمركيةهذا أسهل بكثير مقارنة بالعقوبات". على الرغم من أن الرسوم الجمركية تُنتقد كثيرا بسبب تأثيرها المحتمل على التضخم، فإنها بخلاف العقوبات تولّد إيرادات لوزارة الخزانة الأمريكية. فقد ارتفعت عائدات الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 110 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى 97.3 مليار دولار أمريكي. وحسب مركز "أوربان بروكينغز" (Urban-Brookings) لسياسات الضرائب من المتوقع أن تدرّ الرسوم الجمركية حوالي 360 مليار دولار أمريكي في العام المقبل. يعتبر ترامب الرسوم الجمركية أكثر مرونة وأسهل في التنفيذ، إذ تمنحه سيطرة مباشرة وأحادية من خلال أوامر رئاسية دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس الأمريكي. أما العقوبات فتتطلب في الغالب أطرا قانونية معقدة وتعاونا مع شركاء دوليين مثل الاتحاد الأوروبي. يُفسّر هذا لماذا يُفضّل ترامب استخدام الرسوم الجمركية لتحقيق أهداف غالبا ما تُربط بالعقوبات. فمن خلالها يستطيع ممارسة الضغط على دول مثل كندا والمكسيك والصين في قضايا غير تجارية مثل الهجرة وتجارة المخدرات. وقد تم التهديد بفرض رسوم عقابية على كولومبيا أيضا بعد أن رفضت استقبال رحلات الترحيل الأمريكية. أما الرسوم الجمركية، التي هدد بها ترامب الاتحاد الأوروبي، فقد أُعلن عنها جزئيا كرد فعل على لوائح الاتحاد الأوروبي الخاصة بحماية البيانات والمناخ. وفي بداية هذا الشهر فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 50 بالمائة على الواردات القادمة من البرازيل في خطوة فُسرت على أنها انتقام من ملاحقة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، الحليف المقرب من ترامب. ويواجه السياسي اليميني المتطرف محاكمة بسبب اتهامات بتخطيطه لانقلاب لإلغاء نتائج الانتخابات، التي خسرها في عام 2022 ويُقال أيضا إنه شارك في التخطيط لاغتيال خصوم سياسيين. كانت الحكومات الأمريكية السابقة تفضّل استخدام العقوبات على استخدام الرسوم الجمركية كوسيلة للردع من أجل إجبار ما يُسمى بـ"الدول المارقة" على الالتزام بالقواعد. فمنذ أن بدأت موسكو غزوها لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 فرضت الولايات المتحدة أكثر من 2500 عقوبة على روسيا استهدفت أفرادا وشركات وسفنا وطائرات. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية. وقالت صوفيا بوش من مركز "Atlantic Council" إن "هذه الاقتصادات ليست شركاء تجاريين حاسمين بالنسبة للولايات المتحدة"، مضيفة أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على "أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة تمثل تهديدا اقتصاديا داخليا أكثر من كونها أداة ضغط خارجية". في إشارة إلى مشروع قانون اقترحه السيناتور ليندسي غراهام والذي ينص على فرض عقوبات إضافية على موسكو في حال فشلها في التوصل إلى اتفاق سلام مع كييف قال ترامب إنه "يأخذ بعين الاعتبار" فرض عقوبات جديدة "بجدية كبيرة". وفي حال تم تمرير "قانون معاقبة روسيا لعام 2025" فسيتم استهداف مسؤولين روس كبار وأوليغارشات ومؤسسات مالية وقطاع الطاقة. والهدف من ذلك هو الحد من قدرة روسيا على تصدير النفط والغاز. ويحظى مشروع القانون بدعم من كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ويتضمن أيضا عقوبات ثانوية على الدول الثالثة والشركات الأجنبية التي تستورد الطاقة الروسية. وقد وصف ترامب هذه العقوبات بـ"الرسوم الثانوية" التي قد تصل إلى 500 في المائة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video الرسوم الثانوية المماثلة التي فرضها ترامب بنسبة 25 في المائة على مشتري النفط الفنزويلي والتي دخلت حيز التنفيذ في مارس/ آذار كانت تهدف أيضا إلى ممارسة ضغط على مستوردي الطاقة لتكييف سياساتهم مع السياسة الخارجية الأمريكية. وتشمل العقوبات الثانوية عادة إدراج أشخاص وشركات على قوائم سوداء وتجميد الأصول وقيودا على حركة الأموال. وغالبا ما يتم التهديد باتهامات جنائية أمريكية وحظر السفر. وقالت بيرنز في حديثها لـ DW :"العقوبات تهدف في الغالب إلى معاقبة الدول على انتهاكات المعايير الدولية. وهي رد فعل على إجراءات محددة وعندما تتوقف هذه الإجراءات يمكن رفع العقوبات". وأشارت بيرنز إلى أن حالة عدم اليقين حول سياسة الرسوم الجمركية لترامب قد وضعت الشركات الأمريكية وشركاء التجارة العالميين في موقف حرج، وحذرت من أن "سنوات من عدم اليقين الجمركي قد تؤدي إلى ركود اقتصادي خطير؛ لأن الشركات والمستثمرين ينتظرون وضعا يمكن التنبؤ به". أعده للعربية: م.أ.م/ تحرير: صلاح شرارة


DW
منذ 17 ساعات
- DW
ترحيب دولي ببدء عبور قوافل المساعدات إلى غزة – DW – 2025/7/27
بدأت شاحنات محمّلة بمساعدات العبور إلى غزة، عبر معبر رفح المصري، بعدما أعلنت إسرائيل "تعليقا تكتيكيا" لعملياتها العسكرية في مناطق عدة من القطاع لأغراض إنسانية. وجاء ذلك بعد ضغوط دولية جاءت حتى من أصدقاء الدولة العبرية. بدأ اليوم الأحد (27 يوليو/ تموز 2025) سريان تعليق الأعمال العسكرية الذي أعلنته إسرائيل في ثلاث مناطق في قطاع غزة، وذلك في إطار تدابير جديدة قالت إنها تهدف إلى معالجة الأزمة الإنسانية في القطاع. وأظهرت صور وشريط فيديو شاحنات ضخمة محمّلة بأكياس بيضاء تدخل عبر بوابة معبر رفح من الجانب المصري والذي يؤدي الى جنوب قطاع غزة. إلا أن الشاحنات لا تدخل مباشرة الى القطاع عبر الجانب الفلسطيني من المعبر المدمّر والمقفل بسبب الحرب. وتسير الشاحنات بعد ذلك كيلومترات قليلة جدا نحو معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي حيث يتوقع أن تخضع للتفتيش مجددا قبل دخول منطقة رفح الفلسطينية. وكانت إسرائيل أعلنت في وقت سابق أنها ألقت من الجو مساعدات إنسانية على قطاع غزة المدمر بعد ضغوط دولية متواصلة منذ أسابيع للسماح بدخول الغذاء والإمدادات الحيوية لسكان القطاع الذين يتضوّرون جوعا جراء الحصار المفروض والحرب المتواصلة منذ 21 شهرا. وقالت سعاد اشتيوي البالغة 30 عاما التي تقيم في خيمة في منطقة تل الهوى في جنوب غرب مدينة غزة "أمنية حياتي صارت أكل رغيف خبز وأن أوفر لأولادي خبزا يأكلونه. كل يوم زوجي يطلع من الفجر حتى يحصل على الطحين (..) ولا يأتي بأي شيء". وأضافت "أتمنى أن تدخل المساعدات من مصر، سمعنا في الصحافة أنه سيتم ادخال شاحنات طحين ومساعدات غذائية، نأمل إذا دخلت أن تصل لنا". وفرضت إسرائيل التي تحاصر غزة منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، حصارا شاملا على القطاع في أوائل آذار/ مارس ولم تخفّفه إلا جزئيا في أواخر أيار/ مايو. وقد أدى ذلك إلى نقص حاد في الغذاء والدواء وغيرها من السلع الأساسية. وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من ارتفاع معدلات سوء التغذية في صفوف الأطفال ومن خطر انتشار المجاعة على نطاق واسع بين سكان القطاع الذي يزيد عددهم عن مليوني نسمة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video من جانبها، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني ليل السبت، أنّ "هدنة إنسانية" ستُطبق على أجزاء معينة من غزة صباح الأحد، لتسهيل توصيل المساعدات، محمّلة الأمم المتحدة مسؤولية الحصار. والأحد، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن "تعليقا تكتيكيا" يوميا لعملياته العسكرية سيبدأ في عدّة مناطق في قطاع غزة اعتبارا الأحد "من الساعة العاشرة صباحا (السابعة بتوقيت غرينتش) وحتى الساعة الثامنة مساء (17،00 بتوقيت غرينتش)"، مضيفا أنّ هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرّك فيها الجيش "وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة وسيكون يوميا حتى إشعار آخر". وتنفي إسرائيل أن تكون تعطل دخول المساعدات مؤكدة أنها غير مسؤول عن النقص الحاصل ومتهمة حركة حماس بنهب المساعدات والمنظمات الإنسانية بعدم توزيعها. إلا ان هذه المنظمات تؤكد أن إسرائيل تفرض قيودا صارمة جدا لدخول المساعدة إلى قطاع غزة الذي تسيطر على كل المعابر المؤدية إليه. وليل السبت الأحد، نشر الجيش الإسرائيلي صورا تُظهر إلقاء "سبع منصّات مساعدات احتوت على الطحين والسكر ومعلّبات غذائية" بالمظلات على غزة. وقالت المسؤولة في منظمة أوكسفام غير الحكومية بشرى خالدي "نرحب بذلك لكن يجب أن نرى تقدما فعليا على الأرض"، مشددة على ضرورة حصول "تدفق متواصل للمساعدة على نطاق واسع". وأضافت "نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار ورفع كامل للحصار وضمانات واضحة بأن الأمر لا يتعلق فقط ببادرة موقتة". وشاركت الإمارات والأردن وفرنسا ودول أخرى في عمليات إلقاء طرود إغاثة في غزة في عام 2024، وقد اعتبرت أحيانا خطرة كما تتطلب لوجستيات معقدة لكمية محدودة من المساعدات. وأكد الكثير من المسؤولين الإنسانيين آنذاك أنها لا يمكن أن تكون بديلا عن إيصال المساعدات برا. كذلك، أعلن الأردن الأحد تسيير قافلة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة زيكيم بين إسرائيل وشمال قطاع غزة. وقالت الهيئة الخيرية الهاشمية الأردنية في بيان إن "القافلة تتكون من 60 شاحنة محملة ب962 طن من المواد الغذائية". وأعلنت بريطانيا السبت أنها تستعد لإلقاء المساعدات وإجلاء "الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية طبية"، بالتعاون مع "شركاء مثل الأردن". بدورها، أعلنت الإمارات أنها ستستأنف عمليات إنزال المساعدات بالمظلات "على الفور". رحّب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر الأحد، بتوفير طرق برية آمنة لدخول القوافل الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيرا إلى أنّ الأمم المتحدة ستحاول الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين يتضوّرون جوعا. وقال فليتشر في منشور عبر منصة إكس "نرّحب بالإعلان عن هدنٍ إنسانية في غزة للسماح بدخول المساعدات"، مضيفا "نحن على اتصال بفرقنا على الأرض، وسنبذل كل ما في وسعنا للوصول إلى أكبر عدد من الناس الذين يتضوّرون جوعا". من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تسجيل ست حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية في القطاع خلال 24 ساعة الماضية. وقالت صحة غزة ، في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك اليوم "سجلت مستشفيات قطاع غزة ست حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفلان أنهكهما الجوع". وأضافت "يرتفع بذلك العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية إلى 133 حالة وفاة، من بينهم 87 طفلا". ووفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا)، تصل في كل لحظة حالات سوء تغذية ومجاعة إلى المستشفيات في غزة، حيث يعاني 900 ألف طفل في غزة من الجوع، 70 ألفا منهم دخلوا مرحلة سوء التغذية. وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قد حذرت من أن "سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين مارس/ آذار ويونيو/ حزيران الماضيين نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة". ح.ز/ ع.غ (أ.ف.ب / د.ب.أ)