
تراجع التمويل الأمريكي في الشرق الأوسط: ما هي البدائل؟ – DW – 2025/7/21
قال مدير مشروع في سوريا لـ DW حول تخفيضات التمويل الأمريكي: " لا أحد يملك تصورًا دقيقًا عما يحدث حاليًا. ورغم عدم توقف الدعم بالكامل حتى الآن، فإننا نستمر في الإنفاق على أمل ألا يتوقف التمويل كليًا.
وفي بغداد، قال مؤسس شبكة الصحفيين العراقيين: "ما زلنا لا نعرف إذا كنا سنحصل على التمويل الذي وُعدنا به هذا العام. قد لا نستطيع دفع رواتب بعض صحافيينا، ونعمل الآن على التواصل مع منظمات أخرى لتعويض النقص، وطلب المصدران عدم الكشف عن هويتيهما خشية الانتقادات من الجهات المانحة.
وليس هذا الوضع مقتصرًا على جهة واحدة، فمع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهد التمويل الأمريكي للمساعدات الإنمائية الرسمية (ODA) تراجعًا كبيرًا.وتعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، المعروفة بالمساعدات الخارجية.
وتعد هذه الأموال بأنها " مساعدات حكومية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة في الدول النامية، مع التركيز على هذه الدول بشكل خاص". ويمكن أن تكون هذه المساعدات من دولة إلى أخرى مباشرة، أو متعددة الأطراف، حيث تجمع منظمات مثل الأمم المتحدة الأموال لتوزيعها. وقد ذكر الخبراء أن تخفيضات الميزانية في الولايات المتحدة وُصفت بـ«الفوضوية»، وكان تقليل حجم المساعدات الإنمائية الرسمية أمرًا مستمرًا حتى قبل ذلك.
ففي عام 2024، انخفضت هذه المساعدات عالميًا بأكثر من 7%، حيث قلصت دول أوروبية كبيرة والمملكة المتحدة أيضًا دعمها، ووجهت جزءًا أكبر من ميزانياتها إلى النفقات الدفاعية. وكان العام الماضي هو الأول منذ نحو 30 عامًا الذي شهدت فيه جهات مانحة رئيسية مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة تراجعًا واضحًا في حجم مساعداتها الإنمائية الرسمية.
في عام 2023، حصلت دول الشرق الأوسط على حوالي 7.8 مليار دولار (6.7 مليار يورو) من أصل 42.4 مليار دولار (36.3 مليار يورو) أنفقتها الولايات المتحدة في ذلك العام.
وبسبب هذا، كتب ليث العجلوني، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، في مارس/آذار: "ستشعر دول الشرق الأوسط بشدة بتأثير خفض المساعدات الأمريكية، لأن شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين ما زالوا يعتمدون كثيرًا على هذه المساعدات لتلبية احتياجاتهم العسكرية والاقتصادية."
وأوضح الباحث ليث العجلوني أن الولايات المتحدة، خلال الفترة من 2014 إلى 2024، تعهدت بتقديم نحو 106.8 مليار دولار لدول المنطقة. حصلت إسرائيل على ما يقل قليلاً عن ثلث هذا المبلغ، على الرغم من أن معظم هذه الأموال خُصصت لأغراض عسكرية. أما بقية الدول، فكان الدعم الأميركي يشكل جزءًا كبيرًا من دخلها القومي.
يقول العجلوني إن تمويل الطوارئ الخاص بالغذاء والماء في السودان، والأدوية في اليمن، وتغذية الأطفال في لبنان، بالإضافة إلى مخيمات النازحين في سوريا، بما في ذلك العائلات التي يُزعم ارتباطها بتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي، جميعها معرضة للخطر.
وشدد العجلوني على أن دولاً أخرى مثل الأردن ومصر تعتمد بشكل كبير على التمويل الأجنبي لتحقيق "التنمية الاقتصادية" وللمساعدة في دعم اقتصاداتها المتعثرة، فيما تظل حجم الخسائر المحتملة بسبب خفض المساعدات غير واضح، لكن باحثين في مركز التنمية العالمية في واشنطن قدروا التداعيات ورجحوا أن بعض الدول ستفقد مبالغ كبيرة من المساعدات بسبب اختلاف الجهات المانحة الرئيسية لها، فيما قد تفقد دول أخرى قدراً يسيراً فقط.
على سبيل المثال، من المتوقع أن تشهد اليمن انخفاضًا بنسبة 19% في مساعداتها الإنمائية الرسمية بين عامي 2023 و2026. وفي عام 2025، كانت أكبر ثلاث جهات مانحة لها عبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA) هي المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
من ناحية أخرى، قد يخسر الصومال ما يصل إلى 39% من مساعداته، وكانت الجهات المانحة الرئيسية عبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هي المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
قال فينتشنزو بوليتينو، مدير برنامج المجتمعات الصامدة في المبادرة الإنسانية بجامعة هارفارد في بوسطن، لـ DW: "من الواضح أن العجز في تمويل المساعدات لن يُسد على المدى القصير". وأضاف: "أما على المدى المتوسط والطويل، فمن المرجح أن يكون هناك مزيج متنوع من أشكال المساعدات".
ويتوقع بوليتينو أن يشمل ذلك عددًا أكبر من الدول "التي تقدم المساعدات والمساعدات الإنمائية بما يتناسب مع أهدافها السياسية". وقد أعلنت الوكالة الروسية الرئيسية للتعاون الدولي، ، مؤخرًا أنها ستعيد تنظيم نفسها لتصبح أشبه بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وستفتح فروعًا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ولكن، بميزانية سنوية لا تزيد عن 70 مليون دولار،و تُعد ميزانية صغيرة نسبيًا.
فيما يُطرح المال الصيني كبديل محتمل للتمويل الأمريكي والأوروبي، حذّر خبراء في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – وهو مركز أبحاث أمريكي – في يوليو/تموز من أن الصين قد رسّخت مكانتها بالفعل كأكبر منافس للولايات المتحدة في مجال التنمية العالمية."
لكن يشير الخبراء إلى أن الصين ليست مهتمة كثيرًا بالشرق الأوسط، بل هي أكثر نشاطًا في جنوب شرق آسيا وأفريقيا. ويوضح بوليتينو: "لم تلعب روسيا ولا الصين دورًا هامًا تقليديًا في نظام المساعدات الإنسانية الدولي، ومن غير المتوقع أن يتغير ذلك في وقت قريب".
يقول ماركوس لوي، الأستاذ ومنسق أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة (IDOS)، إنه من المرجح أن تكون دول الخليج الغنية هي الجهات المانحة الرئيسية في الشرق الأوسط.على مدار العقدين الماضيين، كانت أربع دول خليجية — المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت ـ جهات مانحة دولية مهمة.
وقال لوي لـ DW: "على سبيل المثال، تقدم المملكة العربية السعودية دعمًا كبيرًا لسوريا، كما دعمت لبنان بشكل واسع، وهم مستعدون بالتأكيد لتحمل جزء كبير من تكاليف إعادة الإعمار في غزة، شرط وجود اتفاق مقبول لوقف إطلاق النار".
نادرًا ما تخصص أموال خليجية للصناديق التي تديرها الأمم المتحدة، إذ تكون معظم المساعدات ثنائية مباشرة بين دولة وأخرى، لأن دول الخليج تميل إلى استخدام مساعداتها الإنمائية الرسمية بشكل عملي أكثر، أي كأداة دبلوماسية ترتبط بأهداف السياسة الخارجية .
كتب خالد المزيني، الأستاذ في جامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة، في تحليل حديث: "يميل متلقو المساعدات الذين يُعتبرون ذوي أهمية سياسية لدى المانحين الخليجيين إلى تلقي المزيد من المساعدات". فعلى سبيل المثال، رغم شنّ السعودية والإمارات حربًا على أجزاء من اليمن منذ عام 2015، إلا أنهما كانتا أكبر المانحين للبلاد.
لكن كما يشير بوليتينو، فإنالمساعدات الإنسانيةليست مخصصة لأغراض سياسية، وهذا يتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية للحياد والنزاهة.
ويضيف بوليتينو: المشكلة الأساسية في استخدام المساعدات كأداة تكمن في أنها قد تكون محفزًا للصراع والعنف بقدر ما تكون مصدرًا للسلام والأمن". ويشير إلى "مؤسسة غزة الإنسانية" كمثال، حيث أدى تقديم "المساعدات الإنسانية" للمدنيين الجائعين إلى مقتل مئات الفلسطينيين.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ ساعة واحدة
- DW
الرياض تضخ استثمارات بـ 6 مليارات دولار بسوريا.. لماذا الآن؟ – DW – 2025/7/24
أعلنت السعودية عزمها ضخ استثمارات في سوريا بقيمة 6 مليارات دولار مع انطلاق منتدى "الاستثمار السوري السعودي" التي وصفته الحكومة السورية بـ "محطة تاريخية". جاء ذلك بعد أيام من اشتباكات دامية في السويداء ذهب ضحيتها المئات. أعلن وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، أن "المنتدى السوري السعودي" سيشهد توقيع 44 اتفاقية تعاون مع السعودية بقيمة إجمالية تصل إلى 6 مليارات دولار، موضحاً أن الاتفاقات تشمل جميع القطاعات وتوزع على مختلف المحافظات السورية، ولا تقتصر على منطقة محددة. وتحدث المصطفى في مؤتمر صحفي على هامش منتدى "الاستثمار السوري السعودي 2025 " الذي أنطلق في دمشق اليوم الخميس (24 يوليو/تموز 2025) بحضور الرئيس الانتقالي أحمد الشرع. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن وزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد نضال الشعار قوله، في كلمة خلال المنتدى إن" المنتدى محطة تاريخية في مسيرة العلاقات بين البلدين ويشكل أساسا متينا لشراكات استراتيجية تخدم مصالح شعبينا". وأضاف أن سوريا تشهد تحركا حقيقيا نحو النمو والازدهار ، مؤكدا الالتزام الكامل بتقديم كل أوجه الدعم لنجاح هذا المنتدى بما يحقق الخير للشعبين السوري والسعودي. وشارك في انطلاق المنتدى وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح الذي وصل أمس الأربعاء إلى دمشق على رأس وفد يضم أكثر من 150 ممثلاً للقطاعين الحكومي والخاص. وأعلن الفالح في كلمته أن هذا المنتدى سيشهد توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تقارب 24 مليار ريال سعودي (5,6 مليارات دولار). ولفت إلى أنهم مقبلون على إقامة استثمارات مهمة في سورياتشمل جميع المجالات وفي مقدمتها الطاقة والعقارات والصناعة والبنية التحتية والخدمات المالية والصحة والزراعة والاتصالات وتقنية المعلومات والمقاولات والتعليم وغيرها. وعقب وصوله دمشق، وضع الفالح حجر أساس مشروع متكامل لتجارة التجزئة من شركة إثراء القابضة الاستثمارية السعودية باستثمارات 375 مليون ريال (99.96 مليون دولار). ونقلت رويتزر عن دبلوماسي ورجل أعمال سوري مطلع لرويترز إن السعودية تبدي اهتماما بقطاعي الطاقة والضيافة في سوريا وكذلك المطارات. وأضاف رجل الأعمال السوري أن من المنتظر أيضا أن يطلق البلدان مجلس أعمال اقتصادي. وانطلق المنتدى رغم الاشتباكات الطائفية التي وقعت في مدينة السويداء بجنوب سوريا وأسقطت مئات القتلى. ويسلط العنف الضوء على عدم الاستقرار المستمر في سوريا حتى على الرغم من استكشاف مستثمرين أجانب فرصا في البلاد. وعبرت شركات، العديد منها من دول الخليج وتركيا، عن اهتمامها بإعادة بناء قدرة توليد الكهرباء والطرق والموانئ وغيرها من البنى التحتية المتضررة في سوريا. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ووقعت سوريا في الأشهر القليلة الماضية اتفاقية لدعم قطاع الكهرباء قيمتها سبعة مليارات دولار مع قطر، وأخرى حجمها 800 مليون دولار مع موانئ دبي العالمية. ومن المقرر أيضاً أن تضع شركات طاقة أمريكية خطة رئيسية لهذا القطاع في سوريا. وسددت السعودية و قطر ديون سوريا لدى البنك الدولي مما أتاح لها إمكان الحصول على قروض جديدة. وتعد السعودية من الداعمين الرئيسيين للحكومة السورية الجديدة عقب الإطاحة يحكم بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر بعد نزاع دام 14 عاماً. وكانت الرياض وجهة أول زيارة خارجية لأحمد الشرع في شباط/فبراير. وجمعت السعودية الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الرياض في آذار/مايو، حيث تعهد الأخير رفع العقوبات المفروضة على دمشق، وهو ما قام به رسمياً في 30 حزيران/يونيو. وخلال زيارة لدمشق أواخر أيار/مايو الماضي، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الرياض ستكون في مقدم الدول التي تقف الى جانب سوريا في إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي. تحرير: خالد سلامة


DW
منذ 8 ساعات
- DW
ألمانيا ـ مبادرة ضخمة لإعادة تحريك "قاطرة" الاقتصاد الأوروبي – DW – 2025/7/24
"صنع من أجل ألمانيا" ـ مبادرة من قبل 60 شركة لضخ استثمارات بـ 631 مليار يورو في دورة الاقتصاد لجعل ألمانيا من جديد "محرك نمو لأوروبا قوية". والحكومة خصصت 500 مليار يورو للبنية التحتية المتهالكة، وهي مطالبة بما هو أكثر. الاقتصاد يعتمد دائمًا على الحالة النفسية أيضًا. وعندما تثق الشركات في توفر المناخ للقيام بأعمال جيدة في المستقبل، فإنَّها تستثمر بقوة. أما إذا بدت التوقعات سيئة، فعندئذٍ تتوقف عن استثمار أموالها. إذ أنَّ جائحة كورونا وما تبعها من انهيار لسلاسل التوريد الدولية والحرب في أوكرانيا وما نتج عنها من أزمة طاقة وتضخم وكذلك ضعف الاقتصاد في الصين - كل هذا أثّر بشدة على الاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير. لقد انهار الوضع الاقتصادي، وانزلقت ألمانيا إلى ركود مستمر. ومنذ ذلك الحين لم يعد هناك مجال للتفاؤل. فقد أظهرت إحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في الدول الصناعية أنَّ ألمانيا ظلت حتى عام 2024 صاحبة أدنى معدل استثمار من بين جميع دول المنظمة الـ38. والآن تقرر تغيير ذلك، كما وعد رؤساء الشركات الرائدة في ألمانيا. ومن هذه الشركات 61 شركة - تشمل شركات مساهمة معروفة مثل إيرباص، وباسف (BASF)، وبي إم دبليو، والبورصة الألمانية، ومرسيدس بنز، وراينميتال، وساب (SAP)، وفولكس فاغن، وكذلك شركات أمريكية مثل إنفيديا (NVIDIA)، وبلاك روك، وبلاك ستون - انضمت إلى مبادرة "صنع من أجل ألمانيا". وهذا الاسم يذكرنا بختم الجودة الألماني "صنع في ألمانيا". وهذه الشركات تريد المشاركة في استثمار 631 مليار يورو في ألمانيا خلال الثلاثة أعوام القادمة - في مرافق إنتاج وآلات ومعدات، وكذلك في البحث والتطوير. ومن المبادرين بهذه المبادرة رولاند بوش، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز، الذي قال بعد اجتماع مع سياسيين من الحكومة في مكتب المستشار: "نحن نريد نموًا اقتصاديًا، ونريد تعزيز قدرة ألمانيا على التنافس، ونريد الدفاع عن ريادتنا التكنولوجية وتطويرها". وهذه الشركات الـ61 تمثّل بالقياس إلى وزنها الاقتصادي ثلث الاقتصاد الألماني تقريبًا. ولكن يتوقع كريستيان سفينغ، الرئيس التنفيذي لدويتشه بنك، وكذلك المبادر رولاند بوش، انضمام المزيد من الشركات. ويقول إنَّهم يريدون معًا جعل ألمانيا من جديد "محرك نمو لأوروبا قوية". وإنَّ "الفرص نادرًا ما كانت أكبر. المستثمرون والشركات الدولية مستعدون للاستثمار في اقتصادنا. وههم يُقدّرون ألمانيا كشريك مستقر وموثوق به، خاصة في هذه الأوقات المتقلبة". والسياسيون متحمسون. "لقد عادت ألمانيا، ومن الجدير الاستثمار في ألمانيا من جديد"، كما قال بعد الاجتماع بسعادة المستشار فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي): "نحن هنا إزاء واحدة من أكبر مبادرات الاستثمار، التي شهدناها في ألمانيا خلال العقود الأخيرة. ولسنا موقعًا من الماضي، بل موقع الحاضر، والأهم أنَّنا موقع المستقبل". ويبدو أنَّ المزاج كان ممتازًا في مكتب المستشار. وقال سفينغ باختصار: "كان لدينا تبادل ممتاز". ولكن من أين يأتي هذا التغيير في الرأي؟. فالاقتصاد الألماني ما يزال متعثرًا مثل ذي قبل، وألمانيا مهددة بعام ثالث على التوالي من دون نمو. والتوقعات غير جيدة على الإطلاق، نظرًا إلى سياسة التعريفات الجمركية من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومع ذلك من الواضح أنَّ النهج السياسي مختلف. وإعادة إنعاش الاقتصاد الألماني من أهم أولويات الحكومة الاتحادية الجديدة. ومنذ بداية أيار/مايو، يتولى الحكومة ائتلاف من حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد تم اتخاذ التدابير الأولية. فقد قرر البرلمان (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات) إنشاء صندوق ثروة خاص ممول بالديون بقيمة 500 مليار يورو من أجل استثمارات حكومية إضافية في البنية التحتية وحماية المناخ. وهذا يتعلق بتحسين طرق النقل المتهالكة جزئيًا، وكذلك باستثمارات في شبكات الطاقة وفي الرقمنة والبحوث. وفي ألمانيا ينخفض سعر الكهرباء للصناعة ويحصل الاقتصاد على إعفاءات ضريبية كبيرة. وذلك أولًا من خلال مراعاة الاستثمارات واسعة النطاق في مواقع الإنتاج والآلات والمعدات والبحث والتطوير عند تحديد الاستقطاعات الضريبية. وعلى المدى المتوسط من المقرر خفض ضرائب الشركات بشكل عام. وهذا أمر كان يطالب به الاقتصاد باستمرار من الحكومة الألمانية السابقة، المكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الليبرالي. والمستشار فريدريش ميرتس يقود حكومة ألمانيا الآن بعد أن عمل في عالم الاقتصاد والأعمال لسنين كثيرة. فقد شغل رجل القانون ميرتس عدة مناصب من بينها رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار المالي الأمريكية بلاك روك. وقال رولاند بوش، رئيس شركة سيمنز: "نحن بدأنا اليوم شكلًا جديدًا من التعاون. وهذا الحدث أظهر أنَّ السياسة والاقتصاد يسيران في نفس الاتجاه". وأضاف كريستيان سفينغ، رئيس دويتشه بنك: "في رأيي، نحن نشهد هنا حكومة تعمل بسرعة. والأهم أنَّ النمو والقدرة على التنافس يتصدّران جدول أعمالها". ولكن من أجل إطلاق المليارات المعلن عنها، يجب على السياسيين الآن أيضًا تخفيف القيود التنظيمية ومنح الشركات مزيد من الحرية. وكذلك يطالب الاقتصاد بإصلاحات خاصة في مسائل البيروقراطية واستقطاعات الضمان الاجتماعي، التي تزيد تكاليف العمال. وفي ألمانيا يدفع أصحاب العمل نصف أقساط التأمين الصحي وتأمين البطالة والتقاعد، ويدفع الموظفون نصفها الآخر. وبسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية فقد ارتفعت أقساط التأمين الصحي في بداية العام. ومن المتوقع أيضًا إجراء زيادات جديدة حادة في تأمين الرعاية التمريضية في عام 2026. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وألمانيا تنفق الآن 42 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي في ميزانيتها الاجتماعية. والمستفيد الأكبر هو صناديق التقاعد. وألمانيا بلد تزداد فيه نسبة المسنين. وفي الأعوام القادمة سيتقاعد من العمل جيل معدلات المواليد المرتفعة. ويضاف إلى ذلك أنَّ الناس في ألمانيا باتوا يتعمرون أكثر. ولكي تتمكن الدولة من الاستمرار في تمويل معاشات التقاعد، يجب عليها أن تضخ كل عام المزيد من الأموال في صناديق التقاعد. ولذلك ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنَّ إصلاح الضمان الاجتماعي هو التحدي الأكبر بالنسبة لموقع الأعمال ألمانيا، وأنَّ الدولة يجب عليها ـ إذا لم يتغير شيء ـ أن تتحمل دائمًا المزيد من الديون من أجل المحافظة على أنظمة الضمان الاجتماعي. وفي هذا الصدد أعلن المستشار فريدريش ميرتس أنَّ إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي هو الخطوة التالية المدرجة على أجندة الائتلاف السياسية. وأنَّ النتائج الأولى ستكون متاحة في الخريف. أعده للعربية: رائد الباش تحرير: عبده جميل المخلافي


DW
منذ 17 ساعات
- DW
إسرائيل تنفي التسبب بمجاعة في غزة وتتهم حماس بافتعال الأزمة – DW – 2025/7/23
ردت إسرائيل على تصاعد الانتقادات الدولية التي تتهمها بالتسبب في نقص مزمن للغذاء في قطاع غزة، متهمة حماس التعمد بافتعال أزمة إنسانية. والرئيس الإسرائيلي يؤكد من داخل القطاع الفلسطيني أن بلاده تتصرف "وفقا للقانون الدولي". قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر أنه "لا توجد في غزة مجاعة تسببت بها إسرائيل" بل "نقص مفتعل من حماس، المعاناة موجودة لأن حماس افتعلتها". وفي وقت سابق اليوم الأربعاء (23 يوليو/ تموز 2025) حذرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية من خطر تفشي "مجاعة جماعية" في قطاع غزة، وقالت المنظمات غير الحكومية ومن بينها "أطباء بلا حدود"، و"منظمة العفو الدولية"، و"أوكسفام إنترناشونال" وفروع من منظمتي "أطباء العالم" و"كاريتاس" إنّه "مع انتشار مجاعة جماعية في قطاع غزة، يعاني زملاؤنا والأشخاص الذين نساعدهم من الهزال". ودعت المنظمات إلى وقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفتح كل المعابر البرية للقطاع، وضمان التدفق الحر للمساعدات الإنسانية إليه. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وقالت المنظمات الإنسانية في بيانها إنه "خارج قطاع غزة مباشرة، في المستودعات - وحتى داخله - لا تزال أطنان من الغذاء ومياه الشرب والإمدادات الطبية ومواد الإيواء والوقود غير مستخدمة، في ظل عدم السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إليها أو تسليمها". وأتى البيان المشترك للمنظمات غداة اتهام المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات في غزة منذ نهاية أيار/مايو 2025، غالبيتهم كانوا قرب مواقع تابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية". في المقابل اتهمت منظمة غزة الإنسانية وإسرائيل، حركة حماس بإطلاق النار على المدنيين. يذكرأن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. وبحسب المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية فإن المساعدات "تتدفق إلى قطاع غزة"، ملقيا باللوم على الأمم المتحدة وشركائها بسبب "فشلهم في استلام شاحنات الغذاء والمواد الأساسية الأخرى التي تم تفريغها على الجانب الغزي من الحدود". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وقالت مؤسسة غزة الإنسانية أن الأمم المتحدة التي ترفض التعاون معها، تعاني من "مشكلة في القدرة التشغيلية" ودعت إلى "مزيد من التعاون" لإيصال المساعدات المنقذة للحياة. من جهتها، أفادت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) والتابعة لوزارة الدفاع، بأن حوالي 4500 شاحنة دخلت غزة مؤخرا، وكانت محملة بالدقيق وأغذية الأطفال وأطعمة عالية بالسعرات الحرارية للأطفال. وأشارت كوغات إلى "تراجع كبير في جمع المساعدات الإنسانية" من قبل المنظمات الدولية خلال الشهر الماضي. وأضافت: "تبقى مشكلة جمع المساعدات العائق الأكبر أمام استمرار تدفق المساعدات الإنسانية بشكل منتظم إلى قطاع غزة". وفي سياق متصل أكد الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ اليوم الأربعاء أن بلاده تعمل "وفقا للقانون الدولي" في قطاع غزة، وقال: "نحن نعمل هنا وفقا للقانون الدولي، نحن نقدم المساعدات الإنسانية وفقا للقانون الدولي"، وذلك أثناء تفقده قوات بلاده داخل القطاع الفلسطيني للمرة الأولى منذ بداية الحرب في تشرين لأول/أكتوبر 2023. ورأى هرتسوغ أن "الذين يحاولون تعطيل هذه المساعدات هم حماس وأفرادها، مستعدون لفعل أي شيء لمنع قواتنا من تفكيك البنية التحتية التي قد تضر بنا وبمواطنينا". من جانبه حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأربعاء من أن جزءا كبيرا من سكان غزة يتضورون جوعا"، في وقت تدخل القطاع المحاصر والمدمر شحنات غذاء "أقل بكثير مما هو مطلوب لبقاء السكان على قيد الحياة"، وأضاف: "لا أعلم ماذا يمكن أن نطلق على ذلك غير مجاعة جماعية، وهي من صنع الإنسان". وشهد اجتماع لمجلس الأمن الدولي الأربعاء نقاشات حادة بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة الذي تفتك به الحرب. تحرير: ع.ج.م