
كيف يمكن لسورية أن تخوض «المعركة ضد الفقر» فعلاً لا قولاً؟
في خضم البحث عن سبل القضاء على الفقر في سورية، تبرز على وسائل الإعلام ودوائر النقاش الاقتصادي وجهات نظر متباينة بشكل كبير حول النهج الأمثل لتعافي سورية. يمكن تلخيص هذه النقاشات في تناقض جوهري بين من يدعو إلى «فتح الاقتصاد» وتبني مبادئ ما يسمى باقتصاد السوق الحر، ومن يرى أن الحل يكمن في سياسات موجهة وهادفة تتطلب تدخلاً واسعاً من الدولة.
يتبنى فريق من الاقتصاديين والمسؤولين، بما في ذلك شخصيات من السلطة الجديدة، رؤية تدعو إلى «نظام سوق حر تنافسي». ويُقدم هذا التوجه على أنه تحول ضروري بعيداً عن السياسات «الاشتراكية» المزعومة السابقة، مع دعوات صريحة لخصخصة واسعة النطاق للأصول العامة وتخفيض الضرائب على المستثمرين. في المقابل ثمة في المجتمع السوري رأي معارض قوي، يستند إلى النتائج التي نراها ماثلة أمامنا اليوم لسياسات «التحرير الاقتصادي» التي طبقت في سورية سابقاً، حيث أدى الدفع القوي الذي قام به الأسد نحو سياسات السوق المفتوح في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى عواقب اجتماعية كارثية لعبت دوراً رئيسياً في انفجار الأزمة عام 2011.
ما هو واقع الفقر في سورية اليوم؟
يعكس الواقع الاقتصادي والإنساني في سورية اليوم صورة واضحة للفقر المدقع وتبعاته المباشرة، حيث تشير جميع تقارير الأمم المتحدة إلى تدهور غير مسبوق في مستويات المعيشة: اعتباراً من عام 2024، يعيش 90% من السكان، أي نحو 20.7 مليون إنسان، تحت خط الفقر. وتمثل هذه النسبة زيادة كارثية عن 33% قبل عام 2011. ويعيش جزء كبير من السكان (نحو 15.8 مليون إنسان)، في فقر مدقع.
وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في سورية بشكل حاد، حيث انخفض إلى أقل من نصف قيمته في عام 2010. ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حالياً 25% فقط من مستواه في عام 2010. ويقدر إجمالي «الناتج المحلي الإجمالي المفقود» من عام 2011 إلى عام 2024 بنحو 800 مليار دولار أمريكي (بأسعار عام 2010)، وهو مبلغ يعادل 35 عاماً من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالمستويات الحالية.
فقدت الليرة السورية نحو 99% من قيمتها منذ عام 2011. وبلغ الحد الأدنى الشهري لتكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 8,051,604 ليرة سورية (نحو 895 دولار أمريكي)، بينما لا يزال الحد الأدنى الرسمي للأجور ثابتاً حتى الآن عند 278,910 ليرة سورية شهرياً (نحو 30 دولار).
وصلت البطالة في صفوف الشباب إلى نحو 60% بحلول عام 2022. وفُقدت أكثر من 3 ملايين وظيفة خلال السنوات الخمس الأولى من انفجار الأزمة (2011-2016)، مع تقديرات بفقدان 500,000 إلى 600,000 وظيفة سنوياً خلال ذروة سنوات القتال العسكري. ولا تتمكن دخول الأسر السورية حتى اليوم، من مواكبةارتفاع الأسعار سواء من العمل أو التحويلات الخارجية.
فوق ذلك، يواجه 89% من السكان انعدام الأمن الغذائي، مع معاناة 60% من انعدام الأمن الغذائي الشديد. ويعتمد 70% على الأقل من السوريين على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وبشكل عام، يقدر أن 16.7 مليون شخص (أي ثلاثة أرباع السكان) بحاجة إلى مساعدة إنسانية. وعلى هذا النحو، ارتفعت حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال السوريين بنسبة 48% بين عامي 2021 و2022. ويعاني أكثر من 500,000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الذي يهدد حياتهم، مع وجود مليونين آخرين على وشك أن يصبحوا مصابين بسوء التغذية.
أما الآثار السلبية القطاعية طويلة الأمد فتعكس صورة أكثر شمولاً، حيث وُلد أكثر من 75% من أطفال سورية البالغ عددهم 10.5 مليون طفل في ظل الحرب. وتلجأ العديد من الأسر إلى آليات يائسة للتكيف، بما في ذلك عمالة الأطفال والزواج المبكر للفتيات الصغيرات. ولا يزال أكثر من 40% من إجمالي نحو 20,000 مدرسة في البلاد مغلقاً، ما يترك أكثر من 2.4 مليون طفل خارج الفصول الدراسية وأكثر من مليون طفل معرضين لخطر التسرب. كما دُمر ثلث المراكز والعيادات الصحية بالكامل أو جزئياً، وباتت نصف خدمات الإسعاف غير عاملة. ويفتقر أكثر من نصف السكان (نحو 14 مليون سوري) إلى الوصول الكافي لخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الأساسية. وتعرض أكثر من 50% من محطات معالجة المياه وشبكات الصرف الصحي لأضرار أو أصبحت خارج الخدمة. وباتت القدرة التشغيلية لتوفير المياه النظيفة في محافظات البلاد الأربع عشرة تقل عن 50%، وتنخفض إلى 23% عند انقطاع الكهرباء.
هل الحرب سبب وحيد للفقر؟
إن المستويات الحالية للفقر في سورية ليست مجرد نتيجة للصراع المسلح الذي شهدته البلاد، بل نتاج لعوامل مركبة منها السياسات الاقتصادية المتبعة، والتراجع المتعمد لدور الدولة، وعوامل خارجية مثل العقوبات الاقتصادية، التي تفاعلت معاً لتخلق واقعاً مأساوياً.
عندما سرّع الأسد الابن من التوجه النيوليبرالي منذ بداية حكمه، حاملاً شعار الدفع القوي نحو اقتصاد السوق الحر، شهدت البلاد «ثورة مراسيم» تضمنت أكثر من 1200 قانون جديد بهدف «دمج الاقتصاد السوري في التدفقات الاقتصادية العالمية». ونتيجة مباشرة لذلك، انخفضت حصة القطاع العام من الناتج المحلي الإجمالي في سورية إلى الثلث فقط. والأهم من ذلك، أن هذا التحرير الاقتصادي جاء على حساب التصنيع، مفضلاً الأنشطة ذات العائد المرتفع في قطاع الخدمات، مع ذهاب الفوائد إلى النخب الأكثر ثراءً وفساداً في البلاد.
بطبيعة الحال، كانت العواقب الاجتماعية لهذا التوجه كارثية - الذي يحاول البعض تصويره اليوم على أنه «حديث وعصري» - كارثية. وعلى وجه التحديد، ارتفعت نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الأدنى (دولار واحد في اليوم) من 13.8% في عام 2005 إلى 24% في عام 2010، بينما ارتفعت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر الأعلى (2.15 دولار في اليوم) من 30% في 2005 إلى 44% في 2010. وكان خلق فرص العمل ضئيلاً، بمتوسط نمو 0.5% فقط سنوياً بين عامي 2004 و2008، وهو أقل بكثير من 3-4% التي كانت لازمة لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل. وكان هذا «الإصلاح» المزعوم بمثابة برنامج اقتصادي نيوليبرالي ضيق أعطى الأولوية لمعدلات النمو على التوزيع العادل.
ومن السمات البارزة للسياسات النيوليبرالية التي اتبعت في سورية قبل الحرب وأثنائها كانت تخفيض الدعم الحكومي للسلع الأساسية وتقليص الإنفاق الاجتماعي. ففي عام 2008 مثلاً، أقدمت الحكومة على رفع الدعم عن المشتقات النفطية بشكل حاد، ما أدى إلى زيادة سعر وقود الديزل بنسبة 257% دفعة واحدة. وترتب على ذلك ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي، حيث وجدت شريحة واسعة من المزارعين والصناعيين أنفسهم عاجزين عن تحمل تكاليف الوقود اللازمة لتشغيل معداتهم. وانعكس هذا القرار سريعاً على أسعار السلع الأساسية التي قفزت إلى مستويات غير مسبوقة، مما أدى إلى موجة غلاء أثقلت كاهل المواطنين وبخاصة الفقراء. وبالمثل، شهدت الخدمات العامة تراجعاً ملحوظاً في مستواها وتغطيتها نتيجة «تقشف» الدولة في الإنفاق الاجتماعي. فقد انخفض الإنفاق الحكومي على الصحة مثلاً إلى نحو 0.4% فقط من الناتج المحلي قبل عام 2010، وهو رقم متدنٍ للغاية مقارنة بالمعدلات العالمية (التي تتراوح عادة بين 5% و12%). وينطبق الأمر نفسه على قطاع التعليم الذي شهد ازدحاماً في المدارس الحكومية وضعفاً في جودتها، في وقت لم يكن معظم السوريين قادرين على تحمل كلفة التعليم الخاص.
هذه السياسات - التي جاءت بإيحاء من توجهات اقتصاد السوق والرغبة في تقليص دور الدولة - أسهمت بشكل مباشر في زيادة معدلات الفقر قبل الحرب، رغم ما أظهرته الأرقام الكلية من نمو اقتصادي في تلك الفترة. وهذا يدل على أن ثمار ذلك النمو لم تصل إلى معظم الشعب، بل تركزت في يد نخبة اقتصادية ضيقة استفادت من الخصخصة والانخراط في شبكات الفساد. وهكذا أسهمت هذه السياسات في تفكيك كثير من مقومات شبكة الأمان الاجتماعي التي كانت تحمي السوريين.
كيف يمكن محاربة الفقر عملياً؟
في ضوء ما ذكرناه، يبدو واضحاً أن القضاء على الفقر في سورية لن يتحقق بمجرد نمو اقتصادي عابر أو وعود نظرية، بل يحتاج إلى رؤية وطنية شاملة تعالج جذور المشكلة وتتبنى نموذجاً سورياً خاصاً يضع مصلحة السوريين في صدارة الأولويات. حيث أثبتت التجربة السورية خلال العقود الماضية أن ترك الأمور لقوى السوق والاعتماد على جهاز دولة مترهل دون إصلاح، كلاهما طريقان مسدودان. وعليه، فإن المقاربة العملية للقضاء على الفقر يجب أن تقوم على دور قوي وفعال للدولة من جهة، وعلى إعادة توجيه دفة الاقتصاد نحو تلبية احتياجات المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.
لا غنى عن دور محوري للدولة في المرحلة المقبلة لضمان توجيه الموارد نحو أولويات إعادة الإعمار والتنمية البشرية. وهذا لا يعني العودة إلى اقتصاد مغلق مزعوم، بل المقصود أن تكون الدولة مخططاً ومنظماً رئيسياً يحدد القطاعات الاستراتيجية التي يجب النهوض بها ويحفز الاستثمار فيها دون التفريط بها، ويعيد بناء البنية التحتية المدمرة.
الدولة القوية والعادلة هي وحدها التي تستطيع وقف الاحتكارات وضبط الأسواق ومكافحة الفساد وتبديد الموارد. وفي الحالة السورية، ينبغي على الدولة استعادة دورها في التخطيط الاقتصادي طويل المدى لضمان تنويع الاقتصاد وإيجاد فرص عمل منتجة، بدلاً من تركز النشاط في التجارة والأنشطة الريعية.
ومن أجل تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية والتخفيف الفوري من معاناة السوريين الأكثر فقراً، لا بد من اعتماد سياسات صريحة لإعادة توزيع الدخل والثروة داخل المجتمع السوري. لقد أدت سنوات الحرب والفساد إلى تراكم الثروة لدى فئة ضيقة من المنتفعين الفاسدين، فيما انزلقت الغالبية العظمى إلى ما دون خط الفقر. وعليه، ينبغي أن تتضمن الرؤية لسورية الجديدة إجراءات مثل إصلاح النظام الضريبي ليصبح تصاعدياً بحق، يفرض ضرائب أعلى على الشركات الكبرى وأصحاب الدخل المرتفع، مقابل تخفيف العبء عن الفقراء ومحدودي الدخل. كما يتعين مكافحة التهرب الضريبي الذي حرم الخزينة من موارد كانت كفيلة بتمويل برامج اجتماعية مهمة، والوقوف الفوري لجميع عمليات تبديد مصادر إيرادات الدولة التي تصاعدت مؤخراً.
لا يمكن كسر حلقة الفقر السوري دون رفع فعلي لمستويات دخل الأسر السورية، وبخاصة شريحة العاملين بأجر. فالأجور الحالية - حتى بعد الزيادات المتتالية التي أعلنت خلال السنوات الماضية - تلتهمها ارتفاعات الأسعار السريعة التي لا يوجد من يضبطها اليوم.
الطريق نحو القضاء على الفقر في سورية يتطلب نهجاً متكاملاً ومدروساً يضع العدالة الاجتماعية في صلب أولوياته. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال دور قوي وفعال للدولة، ليس كجهة تتخلى عن المسؤولية الاقتصادية، بل كمهندس لإعادة بناء الاقتصاد وحماية مواطنيها. من يريد أن ينتشل المواطنين حقاً من الفقر، فهو محكوم بأن يركز جهوده على إعادة توزيع الثروة لصالح الغالبية المنهوبة، ورفع القوة الشرائية الفعلية للأجور، ودعم الإنتاج المحلي السوري وتطويره لحماية الصناعات الوطنية واستعادة عوامل الاكتفاء الذاتي. كما أن بناء الثقة بين الدولة والمواطنين، لا يمكن أن ينجز دون ضمان مستوى عال من الرقابة الشعبية والمشاركة المجتمعية الواسعة في صنع القرار الاقتصادي.
وفي حين أن رفع العقوبات الاقتصادية الدولية يمكن أن يساهم نظرياً في تسهيل حياة السوريين، إلا أن النجاح في النهاية يعتمد بشكل أساسي على التغيير الداخلي الجذري، والقطع تماماً مع سياسات السلطة السابقة التي جرّفت جهاز الدولة السوري.
سورية بحاجة ماسة إلى التحول من نموذج اقتصادي يخدم النخب إلى نموذج يعزز النمو الشامل، حيث تقاس الإنجازات الاقتصادية بمدى تحسينها لمعيشة السوريين. والفشل في تبني هذا النهج الشامل والموجه نحو العدالة الاجتماعية سيؤدي إلى استمرار دورة الفقر وعدم الاستقرار، مع تداعيات كارثية على الأجيال القادمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 14 دقائق
- Independent عربية
النفط يرتفع بفعل التوترات العالمية ونزول الدولار
ارتفعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء مع تصاعد التوتر الجيوسياسي في ظل المواجهة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، واتجاه إيران لرفض اقتراح أميركي لاتفاق نووي من شأنه أن يخفف العقوبات على البلد المنتج للنفط. وارتفعت عقود الخام ثلاثة في المئة تقريباً في الجلسة السابقة، بعد اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها على إبقاء زيادة الإنتاج في يوليو (تموز) المقبل عند 411 ألف برميل يومياً، وهي الزيادة نفسها في الشهرين السابقين وأقل مما كان يخشاه بعضهم في السوق. وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" 43 سنتاً بما يعادل 0.7 في المئة إلى 65.06 دولار للبرميل، وزاد خام "غرب تكساس" الوسيط الأميركي 50 سنتاً أو 0.8 في المئة إلى 63.02 دولار للبرميل. وقال المحلل في مجموعة "أونيكس كابيتال" هاري تشيلينغويريان "عاودت علاوات الأخطار الظهور على أسعار النفط، بعد هجمات أوكرانية مكثفة على روسيا مطلع الأسبوع". واستدرك "لكن ما هو أكثر أهمية على صعيد المعروض هو جولات المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في شأن تخصيب اليورانيوم". المحادثات النووية وصعدت أوكرانيا وروسيا مطلع الأسبوع حدة المواجهات بواحدة من أكبر معارك الطائرات المسيرة في صراعهما، إذ جرى تفجير جسر بطريق سريع روسي فوق قطار ركاب، وهجوم على قاذفات ذات قدرات نووية في عمق سيبيريا. في غضون ذلك، قال دبلوماسي إيراني أمس الإثنين إن طهران تتجه إلى رفض الاقتراح الأميركي لإنهاء الخلاف النووي القائم منذ عقود، ووصفه بأنه لا يراعي مصالح بلده ولا يتضمن أي تخفيف لموقف واشنطن في شأن تخصيب اليورانيوم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وإذا فشلت المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، فقد يعني ذلك استمرار العقوبات على طهران، مما يحد من إمداداتها من النفط ويدعم الأسعار. وتلقت الأسعار دفعة إضافية من انخفاض الدولار، واستقر مؤشر الدولار قرب أدنى مستوياته في ستة أسابيع مع عكوف المستثمرين على تقييم توقعات سياسة الرسوم الجمركية للرئيس دونالد ترمب، واحتمالات تأثيرها في النمو وزيادة التضخم. ويجعل نزول الدولار السلع المسعرة به مثل النفط أقل سعراً بالنسبة إلى حاملي العملات الأخرى. حرائق غابات وأدى اندلاع حرائق غابات في إقليم ألبرتا في كندا إلى توقف موقت لبعض إنتاج النفط والغاز، مما قد يقلل الإمدادات. ووفقاً لحسابات "رويترز"، أثرت حرائق الغابات في كندا في نحو سبعة في المئة من إجمال إنتاج البلاد من النفط الخام. وقد تتلقى الأسعار مزيداً من الدعم إذا تحققت توقعات انخفاض مخزونات الخام الأميركية في أحدث تقارير الإمدادات الأسبوعية.


حضرموت نت
منذ 21 دقائق
- حضرموت نت
أمريكا تحذر ناقلات الوقود المتعاملة مع الحوثيين (بيان)
أكدت السفارة الأمريكية لدى اليمن أن جماعة الحوثي التابعة لإيران، لا تزال مصنّفة رسميًا كمنظمة إرهابية أجنبية، محذرة من أن السفن التي تسلّم أو تفرغ شحنات من الوقود المكرر بعد تاريخ 4 أبريل 2025 قد تواجه عقوبات أمريكية صارمة. جاء ذلك بعد رصد ناقلتي نفط وغاز في طريقهما إلى ميناء رأس عيسى الواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي، وذلك خلال اليوم الأول من يونيو الجاري، وفق بيانات حديثة لأدوات تتبع السفن. وقالت السفارة في بيان لها، طالعه 'المشهد اليمني' إن التعامل مع الحوثيين لا يعرض فقط السفن ومالكيها للعقوبات، بل يهدد سلامة طواقمها أيضًا، مشيرة إلى أن تلك السفن 'قد تكون عرضة لهجمات من قبل الحوثيين أو لاحتجاز الرهائن'. وشدد البيان على أن تفتيش السفن من قبل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM) لا يشكّل بأي حال حماية من العقوبات الأمريكية، خاصةً في حال تورّط السفن أو الكيانات أو الأفراد في تقديم دعم مادي للحوثيين. وأوضح البيان أن آلية التحقق والتفتيش (UNVIM) تم إنشاؤها بناءً على طلب الحكومة اليمنية، بهدف تسهيل دخول السلع التجارية المدنية إلى الموانئ الواقعة خارج سيطرة الحكومة، ضمن الإجراءات المرتبطة بنظام عقوبات مجلس الأمن الدولي الصادر بموجب القرار 2216 لعام 2015. وأكدت السفارة أن الإجراءات التي تعتمدها آلية التحقق الأممية هي لأغراض محدودة ومختلفة، ويجب التمييز بينها وبين أنظمة العقوبات الوطنية الأمريكية، مشيرة إلى أن كلا النظامين مستقلان، ولكل منهما قواعده وإجراءاته الخاصة. وأمس الإثنين، كشفت منصة 'يوب يوب' المتخصصة في تدقيق المعلومات ومصادر البيانات المفتوحة، أن ناقلة الغاز توليب بي زد (TULIP BZ)، التي باتت تُعرف حالياً باسم سارة (SARAH)، تبحر من جيبوتي باتجاه ميناء رأس عيسى في اليمن. وتبين أن السفينة ترفع علم جزر القمر، وتملكها شركة زاس للشحن والتجارة ومقرها في لبنان، وهي شركة مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأمريكية، إلى جانب السفينة نفسها. وبحسب البيانات الملاحية، فإن ناقلة الغاز 'سارة' كانت قد غادرت ميناء رأس عيسى في أبريل الماضي، وهي الآن محمّلة بشحنة غاز مصدرها ميناء الدقم في سلطنة عمان. وفي ذات السياق، أوضحت المنصة أن ناقلة نفط أخرى تُدعى أتلانتس إم زد (ATLANTIS MZ) أبحرت في اليوم نفسه من ميناء جيبوتي إلى رأس عيسى. الناقلة ترفع أيضاً علم جزر القمر، وتعود ملكيتها لشركة خدمات البحر الآمن، التي تتخذ من مدينة جونية اللبنانية مقرًا لها.


Independent عربية
منذ 32 دقائق
- Independent عربية
لندن تنتظر توافقا خليجيا لاستكمال اتفاق التجارة الحرة
أكدت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية أن المفاوضات في شأن اتفاق التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي دخلت "مراحل متقدمة، وأحرزت تقدماً جيداً"، وذلك بعد ما لا يقل عن سبع جولات تفاوضية منذ 2022. وأوضح متحدث باسم وزارة التجارة لـ"اندبندنت عربية" أن أولوية بريطانيا هي "التوصل إلى الاتفاق الصحيح"، وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية البريطانية مع دول الخليج نمواً ملحوظاً، إذ اعتُبر مجلس التعاون الخليجي في عام 2024 الشريك التجاري التاسع للمملكة المتحدة من جهة الحجم. من جهته، أفاد مصدر دبلوماسي خليجي لـ"اندبندنت عربية" بأن تأخر إتمام المفاوضات حتى الآن يعود إلى عدم التوصل إلى توافق بين الدول الست، وهو ما يتطلب المزيد من التنسيق فيما بينها. وبلغت قيمة التجارة الثنائية بين بريطانيا ودول الخليج الست نحو 70 مليار دولار، كذلك سجّل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين الطرفين ما لا يقل عن 19.7 مليار دولار عام 2023، وفق بيانات رسمية اطّلعت عليها "اندبندنت عربية". ترمب وإبطاء المفاوضات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ذكر مسؤولون خليجيون وبريطانيون بأن الاتفاق قد يُبرم بنهاية العام، لكن المفاوضات ما زالت جارية على رغم مرور أشهر على تلك التصريحات. ويعتقد مراقبون بأن السياسات التجارية المتقلّبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب أعادت المفاوضات إلى نقطة البداية، لكنها في الوقت نفسه زادت من أهمية التوصل إلى اتفاق. وقال الباحث الاقتصادي السعودي فارس القضيبي إن مثل هذه الاتفاقات تمر بجولات تفاوضية عدة، وأي تغير يطرأ على نظام التجارة العالمي يؤثر في مسارها، لافتاً إلى أن سياسات ترمب الحمائية تسببت بصورة واضحة في إطالة أمد المفاوضات، وربما دفعت إلى إدخال تعديلات جديدة على بنود الاتفاق. وتوصلت الحكومة البريطانية إلى اتفاق تجاري تاريخي مع الهند في مايو (أيار) الماضي، وهو ما اُعتبر أهم صفقة تتوصل إليها بريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي. وأُبرم الاتفاق بعد مفاوضات متقطعة على مدى ثلاثة أعوام، وفي أعقاب إعلان واشنطن زيادة الرسوم الجمركية. وفي الشهر نفسه وقعت لندن اتفاقاً تجارياً مع إدارة ترمب من شأنه تخفيف أعباء الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي. وبينما تقترب بريطانيا من توقيع اتفاق تجاري مع مجلس التعاون الخليجي، أشار القضيبي إلى أن هذا النوع من الاتفاق الموحد والشامل هو الخيار الأفضل للمملكة المتحدة، نظراً إلى تشابه القدرات الاقتصادية لدول الخليج، فعلى رغم اختلافها في بعض السياسات، فإنها تبقى متشابهة في الإمكانات البشرية والموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، موضحاً أن "النهج الابتكاري لا يزال محدوداً، كذلك فإن البنية الاقتصادية الخليجية متقاربة، مما يجعل الاتفاق الجماعي أكثر جدوى من الاتفاقات الثنائية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ومن شأن الاتفاق التجاري تعزيز حجم التبادل التجاري، وستكون قطاعات السيارات والخدمات المالية والأدوية التي تشتهر بها بريطانيا من أكبر المستفيدين، بينما ستواصل دول الخليج تصدير المنتجات البتروكيماوية. وتظل العقبة الأساسية متمثلة في القيود البيئية الصارمة التي تفرضها بريطانيا، مما قد ينعكس سلباً على شركات البتروكيماويات الخليجية، التي ستسعى بدورها إلى الضغط لتخفيف هذه القيود. تحديات أمام بريطانيا وفيما تواجه حكومة حزب العمال اختبارات صعبة بسبب تراجع الثقة وضعف الاقتصاد، فمن شأن الاتفاق التجاري الذي تسعى إلى إبرامه مع دول الخليج أن يعزز مكاسبها السياسية والشعبية. وقد وعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال حملته الانتخابية بإعادة ضبط العلاقات الدولية وجذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية. وتسعى دول الخليج إلى تنويع اقتصاداتها المعتمدة على النفط عبر الاستثمار في قطاعات الرقائق والذكاء الاصطناعي والتقنية المالية والسياحة، وهي مجالات تستطيع بريطانيا الإسهام فيها، في إطار توجّهها لتحفيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتُعد اتفاقات التجارة الحرة أداة فعالة في تعزيز العلاقات الاقتصادية من خلال خفض الرسوم الجمركية وتسهيل حركة التجارة. ويقول الباحث البريطاني في العلاقات الخليجية البريطانية، زيد بلباجي، إن "اتفاق التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي يلوح في الأفق، وسيكون خطوة محورية في تعميق العلاقات مع اقتصادات الخليج السريعة النمو". لكن الباحث البريطاني يعترف بأن المملكة المتحدة ستواجه منافسة شرسة من دول أخرى مثل الولايات المتحدة بسبب نهج دول الخليج في تنويع شركائها التجاريين، أما التحدي الثاني فهو التباين في الالتزامات البيئية بين الجانبين، نظراً إلى أن دول الخليج الست تُعد من بين أعلى الدول في معدلات انبعاثات الكربون. وأضاف، "بدأت المفاوضات في عام 2022، وبعد ثلاثة أعوام من المشاورات أصبح الاتفاق قريباً من الاكتمال، وسيوفر مليارات الجنيهات من التبادل التجاري، ومزيداً من فرص العمل، ويعيد لبريطانيا تأثيرها الإستراتيجي في منطقة حيوية لأمن الطاقة." وفي وقت سابق أكدت الحكومة البريطانية أنها لن تقدم أية تنازلات تتعلق بالمعايير البيئية والصحة العامة ورفاهية الحيوان وسلامة الأغذية، كذلك شددت على أن خدمات "هيئة الصحة الوطنية "ليست جزءاً من الاتفاق. رفع حجم التجارة بنسبة 16في المئة يبلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون نحو 73 مليار دولار وفقاً للحكومة البريطانية. وتتوقع المملكة المتحدة أن يسهم الاتفاق في رفع حجم التجارة بنسبة 16في المئة، وزيادة ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 2.1 مليار دولار على المدى الطويل. ومن المحتمل أن يتبع الاتفاق الجماعي مع مجلس التعاون الخليجي توقيع اتفاقات ثنائية مع بعض أعضائه. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الست مجتمعة نحو 2.2 تريليون دولار، أي ما يعادل حجم اقتصاد البرازيل تقريباً، وفق "بلومبيرغ".